كتب م / رمضان بهيج
إنها ليست مجرد عبارة عابرة؛ إنها فلسفة حياة، وركيزة أساسية لكل إنجاز عظيم، ونور يضيء دروب المحبطين. “كن صبوراً فالقادم أفضل” هي دعوة إلى التريث والثقة المطلقة في حتمية الخير، مهما اشتدت عتمة الحاضر وتراكمت تحدياته.
الصبر: ليس مجرد انتظار، بل فعل مقاومة
قد يظن البعض أن الصبر هو مجرد حالة من الخمول والانتظار السلبي لتغير الظروف. لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير. الصبر الحقيقي هو فعل مقاومة نبيل؛ هو أن تحافظ على رباطة جأشك وسلامك الداخلي رغم العواصف الخارجية. هو أن تواصل العمل والإتقان وزرع البذور، وأنت مؤمن بأن حصادك قادم، حتى لو تأخرت علامات النمو.
في لحظات الإحباط، عندما لا تسير الأمور وفقاً لخططنا الزمنية، يكون الصبر هو القوة التي تمنعنا من التخلي عن أحلامنا. إنه الصوت الهادئ الذي يهمس: “استمر، هذه مجرد مرحلة عابرة”.
تحديات الحاضر… أسس المستقبل
الحياة لا تقدم لنا الخير في طبق من ذهب؛ بل تقدمه غالباً بعد سلسلة من الاختبارات والتحديات. هذه الأوقات الصعبة، التي تتطلب منا أقصى درجات الصبر، ليست عقاباً، بل هي في جوهرها ورش عمل إلهية تُصقل شخصيتنا وتُقوي إرادتنا.
الفشل: هو فرصة للتعلم وتصحيح المسار، وليس نهاية الطريق.
التأخير: هو وقت لإعادة تقييم الأهداف والتأكد من متانة الأساس.
الضيق: هو دافع للابتكار واكتشاف قوى داخلية لم نكن نعلم بوجودها.
بمفهوم آخر، كل قطرة عرق وكل لحظة قلق نتحملها بصبر، هي في الحقيقة استثمار في ذلك “القادم الأفضل”. إننا نبني قدرتنا على الاستمتاع بالنجاح القادم، لأننا اكتسبنا الخبرة والمرونة اللازمة للحفاظ عليه.
القادم الأفضل: وعد يتجدد بالإيمان
إن الإيمان بأن “القادم أفضل” هو في حد ذاته مفتاح للراحة والطمأنينة. هذا الإيمان ليس تمنياً ساذجاً، بل هو إدراك لحقيقة كونية: الجهد لا يضيع سُدى، ودوام الحال من المحال.
هذا الوعد بالقادم الأفضل يتجلى في صور عديدة:
النمو الشخصي: قد يكون القادم الأفضل هو نسخة أقوى وأكثر حكمة منا نحن.
الفرص الجديدة: الأبواب المغلقة اليوم، هي تمهيد لفتح أبواب أعظم غداً.
راحة البال: الصبر يزرع في النفس قناعة تجعلنا نرى النعم الموجودة، فتنقلب حياتنا إلى “أفضل” في اللحظة الحالية قبل أن يتحقق التغيير الخارجي.
لتكن عبارة “كن صبوراً فالقادم أفضل” هي شعارنا الدائم. تذكر أن الزمن يعمل لصالح المجتهدين والمؤمنين. الصبر ليس تجميداً للحركة، بل هو التحرك بثقة ويقين رغم الضباب. فإذا حافظت على صمودك واستمررت في بذل الأسباب، ستكتشف أن كل ما مررت به كان مجرد خطوات ضرورية أوصلتك إلى حيث يجب أن تكون، لتستقبل الخير العظيم الذي ينتظرك.
كن صبوراً، والخير قادم بلا ريب.
