د.نادي شلقامي
“صفقة القرن”: الوهم الذي أبقى الجرح مفتوحًا..
عندما أطلق دونالد ترامب وعده الأكبر في 2016 حول إرساء السلام الإسرائيلي– الفلسطيني، أطلق عليه بكل ثقة اسم “صفقة القرن”. لم يكن مجرد خطة سلام، بل كان بيانًا جريئًا يهدف إلى كسر الجمود التاريخي وإعادة رسم خرائط المنطقة. لكن، بعد سنوات من الترقب والفشل في تحقيق السلام، عادت “الصفقة” لتظهر من جديد، ولكن هذه المرة في خضم الدمار.
اليوم، ومع تصاعد وتيرة الحرب في غزة، كشف ترامب عن أساس خطته الجديدة المعلنة يوم الإثنين الماضي. هل هي مجرد تكرار ساخر لوعده القديم أم أنها بالفعل، في ظل اليأس الحالي، قد تشكل الخيط الوحيد المتبقي لإنهاء الحرب والانتقال بالمنطقة إلى مستقبل مختلف جذريًا؟ الرهان هنا ليس على السلام فقط، بل على إمكانية تحويل كارثة غزة إلى نقطة تحول لا عودة عنها، سواء للأفضل أو للأسوأ.
ووفق ما نشرته صحيفة واشنطن بوست زعم الكاتب ديفيد إغناتيوس، أن خطة ‘غزة الجديدة’ التي أعلنها ترامب تستهدف تخفيف معاناة الفلسطينيين الذين أنهكتهم الحرب، وإنهاء الأضرار التي لحقت بإسرائيل منذ هجوم 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023.
ويشير التقرير إلى أن المدنيين في غزة يعيشون أوضاعًا مأساوية، وسط الدمار والجوع والخوف، بينما ينتظر الرهائن الإسرائيليون مصيرهم، ما يجعل إنهاء القتال ضرورة عاجلة.
ويرى إغناتيوس أن ‘مجلس السلام’ الذي طرحه ترامب للإشراف على المرحلة الانتقالية في غزة قد يشكل تغييرًا مهمًا، خاصة مع إعلان ترامب نفسه كمرشح لرئاسته.
وتضيف الصحيفة أن الخطة تتضمن وقفًا لإطلاق النار يعني فعليًا استسلامًا كاملاً لحركة حماس، مع تثبيت ما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ’النصر الشامل’.
وتابع التقرير أن الخطة تمنح نتنياهو مكاسب سياسية وأمنية كبيرة، إذ لا دور مباشر للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة إلا بعد إصلاحها، كما ستبقى إسرائيل متمركزة في منطقة عازلة.
أما السعودية، فتبدو –بحسب واشنطن بوست– مستعدة لتأييد الاتفاق رغم غياب التزام واضح بخيار الدولة الفلسطينية.
وأشار الكاتب إلى أن الإعلان جاء مصحوبًا بإطار عمل أعده فريق ترامب مع حلفاء عرب، يقضي بإنشاء لجنة فلسطينية تكنوقراطية لإدارة الخدمات، مدعومة بقوة استقرار دولية وتدريب جهاز شرطي جديد.
وقد تطوعت عدة دول مثل إيطاليا وإندونيسيا وأذربيجان للمشاركة عسكريًا، فيما تضم لجنة الإشراف مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات.
كما يوضح إغناتيوس أن الخطة اعتمدت على أدوار بارزة لجاريد كوشنر وتوني بلير، إلى جانب دعم قطري وإماراتي، بينما تبقى التحديات قائمة في ما يتعلق بمصير حماس وآفاق الاستقرار طويل الأمد في غزة.
ويختتم التقرير بالإشارة إلى أن خطة ترامب، رغم ما قد يعتريها من قصور، تمثل تحولًا مهمًا مقارنة بأفكاره السابقة حول التهجير القسري، إذ تنص على إبقاء سكان غزة ومنحهم فرصة لإعادة البناء.
ومع ذلك، تبقى تساؤلات كبيرة حول إمكانية نجاحها في واقع معقد يشهد أزمات متكررة منذ عقود.
