ديني

التراويح وتلاوة القرآن بين روحانية العبادة واستعراض الشهرة

كتب/ د حمدان محمد
رمضان هو شهر الطاعات والعبادات، حيث تتوجه القلوب إلى الله طلبًا للرحمة والمغفرة، وتسود أجواء الروحانية والسكينة. لكن في السنوات الأخيرة، طغت بعض المظاهر الدخيلة على هذه الأجواء، فتحولت بعض العبادات إلى مادة استعراضية على منصات التواصل الاجتماعي، سواء من خلال تصوير صلاة التراويح والقيام، أو تسجيل التلاوات القرآنية بمختلف الروايات بهدف الشهرة، لا ابتغاء وجه الله.
فالإخلاص هو روح العبادة، وهو ما يميز العمل الصادق عن العمل الذي يشوبه الرياء. يقول النبي ﷺ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (متفق عليه). فهل أولئك الذين يصورون صلاتهم وتلاواتهم يفعلون ذلك خالصًا لله، أم أن هناك دافعًا خفيًا للظهور أمام الناس؟
ففي المساجد، بات البعض يبث صلاته على الهواء مباشرة، ويحرص على إظهار لحظات البكاء والخشوع، وكأن الصلاة أصبحت وسيلة لجذب المتابعين، لا وسيلة للتقرب من الله. وعلى الجانب الآخر، نجد من يُسجل تلاواته بمختلف الروايات، ليس بهدف تعليم الناس، بل ليقول: “انظروا إليّ، أنا قارئ متمكن!”.
فالقرآن والتراويح.. عبادة لا عرض مسرحي
فقد كان الصحابة والسلف الصالح يفرون من الرياء كما يفر الإنسان من النار، فقد كانوا يحرصون على أن تكون عباداتهم بينهم وبين الله. لم يكن همهم تسجيل قراءاتهم أو تصوير صلاتهم، بل كان همهم تحقيق الخشوع والقبول.
ولابد أن يعلم المرء إن العبادة في الإسلام قائمة على الصدق والإخلاص، فمن صلّى أو قرأ القرآن طلبًا لثناء الناس، فقد وقع في فخ الرياء. قال رسول الله ﷺ: «أخوفُ ما أخافُ عليكمُ الشِّركُ الأصغرُ» قالوا: وما الشِّركُ الأصغرُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: «الرِّياءُ» (رواه أحمد).
فهذه رسالة إلى الدعاة والقراء ووالله إنها رسالة من محب يخاف عليكم ويريد لكم الأچر والثواب
ليس المقصود منع نشر القرآن أو بث الصلوات، بل المقصود أن يكون ذلك بنية صادقة، وليس لغرض الشهرة والمكاسب. فالدعوة إلى الله تحتاج إلى قلوب مخلصة، لا إلى استعراضات مصورة. وعلى المصلين أن يبحثوا عن المساجد التي توفر أجواء الخشوع، بعيدًا عن الضوضاء الإعلامية.
فالعبادة علاقة خاصة بين العبد وربه، فلتكن صلاتنا خالصة لوجه الله، ولتكن تلاواتنا وسيلة للتدبر والتقرب، لا لجمع الإعجابات والمشاهدات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى