كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
في ظل التزايد المستمر للمخاوف المتعلقة بأضرار التدخين التقليدي، يبحث الكثيرون عن بدائل “أقل ضررًا” للمساعدة في الإقلاع عن السجائر أو تقليل المخاطر الصحية. وقد ظهرت في الآونة الأخيرة منتجات جديدة مثل “أكياس النيكوتين” التي تُروج كبديل خالٍ من التبغ والدخان. لكن، هل هذه الأكياس آمنة بالفعل؟ وهل هي أقل ضررًا من السجائر؟ لفهم هذه المسألة بشكل كامل، من الضروري مقارنة المخاطر الصحية المرتبطة بكلا المنتجين.
أكياس النيكوتين: بديل خالٍ من التبغ ولكنه ليس خالٍ من المخاطر
أكياس النيكوتين هي عبارة عن أكياس صغيرة تحتوى على مسحوق نيكوتين مكرر، وألياف نباتية، ومنكهات. تستخدم بوضعها بين الشفة واللثة، حيث يتم امتصاص النيكوتين مباشرةً في مجرى الدم دون الحاجة للحرق أو الاستنشاق.
الميزة الرئيسية لأكياس النيكوتين مقارنة بالسجائر تكمن في أنها لا تحتوى على التبغ. هذا يعني أن المستخدم لا يتعرض لآلاف المواد الكيميائية السامة والمسرطنة التي تنتج عن حرق التبغ، مثل القطران وأول أكسيد الكربون، والتي تعد السبب الرئيسي للأمراض المرتبطة بالتدخين مثل سرطان الرئة وأمراض القلب والشرايين والانسداد الرئوي المزمن.
ومع ذلك، فإن غياب التبغ والدخان لا يجعل هذه الأكياس خالية من المخاطر. فهي تحتوى على النيكوتين، وهو مادة شديدة الإدمان وتسبب العديد من المشاكل الصحية. من أبرز مخاطر أكياس النيكوتين ما يلي:
الإدمان: النيكوتين مادة إدمانية قوية. استخدام الأكياس يمكن أن يؤدي إلى إدمان النيكوتين، مما يجعل الإقلاع عنها صعبًا.
مشاكل القلب والأوعية الدموية: النيكوتين يزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم، ويمكن أن يساهم في تصلب الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية.
الآثار الجانبية: يمكن أن تسبب أكياس النيكوتين تهيجًا في اللثة والفم، وجفافًا في الفم، وآلامًا في الحلق، بالإضافة إلى الشعور بالغثيان.
التأثير على نمو الدماغ: بالنسبة للمراهقين والشباب، يمكن أن يؤثر النيكوتين سلبًا على نمو الدماغ، خاصة في المناطق المسؤولة عن الانتباه والتعلم والتحكم في الانفعالات.
السجائر: المصدر الرئيسي للمخاطر الصحية
تعتبر السجائر التقليدية من أخطر المنتجات الاستهلاكية على صحة الإنسان. يحتوى دخان التبغ على أكثر من 7000 مادة كيميائية، منها المئات من المواد السامة وحوالي 70 مادة مسرطنة معروفة. عند التدخين، يتم استنشاق هذه المواد مباشرة إلى الرئتين، مما يسبب أضرارًا جسيمة على المدى القصير والطويل.
أبرز أضرار السجائر تشمل:
السرطان: التدخين هو السبب الرئيسي لسرطان الرئة، ويرتبط أيضًا بالعديد من أنواع السرطان الأخرى، مثل سرطان الفم والحلق والمريء والكلى والمثانة.
أمراض الجهاز التنفسي: يسبب التدخين أمراضًا رئوية مزمنة مثل انتفاخ الرئة والتهاب الشعب الهوائية المزمن.
أمراض القلب والأوعية الدموية: يزيد التدخين بشكل كبير من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وتصلب الشرايين.
الآثار الجمالية: يسبب التدخين شيخوخة مبكرة للجلد، واصفرار الأسنان، ورائحة كريهة للفم.
هل أكياس النيكوتين أقل ضررًا؟
بناءً على الأدلة العلمية المتاحة، يمكن القول إن أكياس النيكوتين أقل ضررًا بشكل كبير من السجائر التقليدية. السبب الرئيسي في ذلك هو أنها لا تحتوى على التبغ ولا تنتج دخانًا، مما يزيل التعرض لمعظم المواد المسرطنة والسامة الموجودة في السجائر.
ومع ذلك، من المهم جدًا التأكيد على أن “أقل ضررًا” لا تعني “آمنًا”. فأكياس النيكوتين ليست خالية من المخاطر. النيكوتين نفسه مادة خطيرة تسبب الإدمان ومشاكل في القلب والأوعية الدموية. ولذلك، لا ينبغي اعتبار هذه الأكياس وسيلة آمنة لاستخدام النيكوتين، بل قد تكون خيارًا للحد من الأضرار بالنسبة للمدخنين الذين لا يستطيعون الإقلاع بشكل كامل.
في النهاية، يبقى أفضل خيار للصحة هو الإقلاع عن جميع أشكال النيكوتين. بالنسبة للأشخاص الذين يبحثون عن المساعدة في الإقلاع عن التدخين، فإن أفضل الحلول هي العلاج ببدائل النيكوتين (مثل اللصقات والعلكة) تحت إشراف طبي، وليس البدائل التي تحمل مخاطر صحية خاصة بها.
