د.نادي شلقامي
النكاف هو مرض فيروسي معدٍ يصيب بشكل رئيسي الغدد اللعابية، وخصوصاً الغدد النكافية (التي تقع بين الأذن والفك). على الرغم من أنه كان مرضًا شائعًا في مرحلة الطفولة، إلا أن حالات الإصابة انخفضت بشكل كبير بفضل توفر اللقاحات.
أولا…تعريف النكاف
النكاف عدوى تسببها سلالة من فيروسات الباراميكسو (Paramyxovirus). يشتهر المرض بتسببه في تورم مؤلم في إحدى الغدد النكافية أو كلتيهما. الغدد النكافية هي أكبر الغدد اللعابية وتنتج اللعاب للمساعدة في المضغ والبلع. يستغرق التعافي من النكاف عادةً حوالي أسبوعين.
ثانيا… أسباب النكاف وطرق انتقاله
السبب المباشر للنكاف هو الإصابة بفيروس النكاف. ينتقل الفيروس بسهولة من شخص لآخر عن طريق الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر باللعاب.
طرق الانتقال:
1- السعال أو العطس أو الكلام: يؤدي ذلك إلى نشر قطرات صغيرة تحتوي على الفيروس في الهواء، والتي يمكن أن يستنشقها الآخرون.
2– مشاركة الأدوات الملوثة: استخدام نفس الأكواب، أو أدوات المائدة، أو زجاجات المياه الخاصة بشخص مصاب.
3-الأسطح الملوثة: لمس سطح سقطت عليه القطرات الفيروسية ثم لمس الوجه أو الفم أو الأنف.
الشخص المصاب يكون معديًا قبل بضعة أيام من ظهور الأعراض وحتى خمسة أيام بعد بدء تورم الغدد النكافية.
ثالثا… أعراض النكاف
تبدأ أعراض النكاف عادةً بالظهور بعد حوالي 12 إلى 25 يومًا من التعرض للفيروس (فترة الحضانة). قد لا تظهر أعراض على حوالي 25% إلى 35% من الأشخاص المصابين، أو قد تكون أعراضهم خفيفة جدًا تشبه نزلات البرد.
الأعراض الشائعة (تبدأ كأعراض شبيهة بالإنفلونزا):
1- الحمى: ارتفاع درجة حرارة الجسم.
2- الصداع.
3- آلام في العضلات (الأوجاع الجسمانية).
4- التعب والضعف العام.
5- فقدان الشهية.
العلامة المميزة للمرض:
1- تورم الغدد النكافية (التهاب النكفية): هذا هو العرض الكلاسيكي، ويتسبب في انتفاخ الخدين أو منطقة الفك أسفل الأذنين. قد يحدث التورم في جانب واحد أو كلا الجانبين ويكون مؤلماً عند اللمس وعند المضغ أو البلع، خاصة عند تناول السوائل الحامضة.
المضاعفات (أكثر شيوعًا عند البالغين غير الملقحين):
على الرغم من ندرتها، إلا أن النكاف يمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة نتيجة انتشاره لأعضاء أخرى، منها:
2- التهاب الخصيتين (Orchitis): عند الذكور بعد سن البلوغ، ويسبب ألماً وتورماً في إحدى الخصيتين أو كلتيهما، وقد يؤثر نادراً على الخصوبة.
3- التهاب المبيضين (Oophoritis) والتهاب الثدي (Mastitis): عند الإناث.
4- التهاب السحايا العقيم (Aseptic Meningitis): التهاب في الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي.
5- التهاب الدماغ (Encephalitis): التهاب في أنسجة الدماغ (نادر جداً ولكنه خطير).
6- فقدان السمع: قد يكون مؤقتًا أو دائمًا في حالات نادرة.
7-التهاب البنكرياس.
رابعا… علاج النكاف
لا يوجد علاج محدد أو مضاد فيروسي خاص لعلاج النكاف، كونه مرضًا فيروسيًا. المضادات الحيوية لا تعالج النكاف لأنها تعمل فقط ضد البكتيريا. يركز العلاج على تخفيف الأعراض ودعم المريض حتى يقوم الجهاز المناعي بمحاربة الفيروس.
إرشادات العلاج والدعم:
1- الراحة: الحصول على قسط كافٍ من الراحة لمساعدة الجسم على التعافي.
2- مسكنات الألم وخافضات الحرارة: يمكن استخدام الأدوية المتاحة دون وصفة طبية، مثل الأسيتامينوفين (باراسيتامول) أو الإيبوبروفين، لتخفيف الحمى والأوجاع والألم المصاحب لتورم الغدد. (يجب تجنب إعطاء الأسبرين للأطفال والمراهقين المصابين بأمراض فيروسية بسبب خطر الإصابة بمتلازمة راي النادرة).
3- الكمادات: تطبيق كمادات باردة أو دافئة بلطف على الغدد المتورمة للمساعدة في تخفيف الألم.
4-السوائل: شرب الكثير من السوائل لمنع الجفاف، ويفضل تجنب السوائل الحامضة (مثل عصير الحمضيات) لأنها قد تزيد من ألم الغدد اللعابية.
5- الطعام: تناول الأطعمة اللينة وسهلة المضغ.
الإجراءات الوقائية للمصاب:
6- العزل: يجب على المصاب البقاء في المنزل وعزل نفسه بعيدًا عن الآخرين لمدة خمسة أيام على الأقل بعد بدء تورم الغدد النكافية، وذلك لمنع انتشار العدوى.
خامسا… كيفية الوقاية من النكاف
أفضل طريقة للوقاية من النكاف هي التطعيم.
التطعيم (اللقاح الثلاثي الفيروسي MMR):
اللقاح الأكثر فعالية هو اللقاح الثلاثي الفيروسي (MMR) الذي يوفر الحماية ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
1- الجرعة الأولى: تُعطى للأطفال عادةً بين عمر 12 إلى 15 شهرًا.
2- الجرعة الثانية: تُعطى بين عمر 4 إلى 6 سنوات.
يُعد الحصول على جرعتين من اللقاح هو أفضل دفاع ضد النكاف، حيث يوفر مناعة عالية وطويلة الأمد. حتى لو أصيب الشخص المُطعم بالنكاف، فغالبًا ما تكون الأعراض أخف والمضاعفات أقل بكثير.
التدابير الوقائية الأخرى:
بالإضافة إلى التطعيم، تساهم ممارسات النظافة العامة في تقليل انتشار الفيروس:
1- غسل اليدين: غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون، خاصة بعد السعال أو العطس أو لمس الأسطح.
2- تغطية الفم والأنف: استخدام المناديل لتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس والتخلص منها فوراً.
3- تجنب المشاركة: عدم مشاركة أدوات الطعام، والأكواب، والمناشف مع الآخرين.
4- تجنب الاتصال الوثيق: محاولة تجنب الاتصال الوثيق (مثل التقبيل) مع أي شخص مصاب.
