د. إيمان بشير ابوكبدة
تشير العديد من الدراسات إلى أن النساء يحتجن إلى قدر أكبر من النوم مقارنة بالرجال، ويُعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية المعقدة:
الجهد الذهني والمهام المتعددة
زيادة النشاط الدماغي: تميل النساء إلى القيام بمهام متعددة واستخدام أدمغتهن بشكل مكثف خلال اليوم (على سبيل المثال، التوفيق بين العمل ورعاية الأطفال والمسؤوليات المنزلية). هذا الجهد الذهني الكبير يتطلب وقتًا أطول من النوم العميق لـ”تعافي” الدماغ واستعادة نشاطه.
الحاجة إلى التعافي: كلما زاد استخدام الدماغ خلال فترة اليقظة، زادت حاجته للتعافي أثناء النوم.
العوامل البيولوجية والهرمونية
التغيرات الهرمونية: تمر أجساد النساء بتغيرات هرمونية مستمرة ومختلفة خلال مراحل الحياة، مثل الدورة الشهرية، الحمل، والرضاعة، ومرحلة انقطاع الطمث (سن اليأس). هذه التغيرات الهرمونية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على جودة النوم والحاجة إليه، وتجعل النساء أكثر عرضة لاضطرابات النوم.
النوم العميق: أظهرت بعض الدراسات أن النساء يقضين وقتًا أطول في مرحلة النوم العميق مقارنة بالرجال، وهي المرحلة الأكثر أهمية لتجديد الطاقة الجسدية والعقلية.
العوامل النفسية واضطرابات النوم
القلق والاكتئاب: النساء أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب واضطرابات الصحة النفسية الأخرى مقارنة بالرجال. وغالباً ما ترتبط هذه الاضطرابات بقلة النوم أو اضطراباته، مما يزيد من حاجتهن إلى الراحة.
الأرق: تُعدّ النساء أكثر عرضة لتشخيص الأرق.
اضطرابات النوم الأخرى: تكون النساء أكثر عرضة لبعض مشكلات النوم الأخرى مثل متلازمة تململ الساقين، بالإضافة إلى ازدياد احتمالية انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم بعد انقطاع الطمث.
المسؤوليات الاجتماعية والرعاية (عبء العمل غير المدفوع)
مسؤوليات المنزل والرعاية: تتحمل النساء غالبية واجبات المنزل ورعاية الأسرة، مما يزيد من التعب والتوتر اليومي، ويقلل من وقت فراغهن، ويزيد من حاجتهن إلى النوم للتعويض عن هذا الإجهاد الجسدي والنفسي.
الاستجابة لبكاء الأطفال: في سياق رعاية الأطفال، غالباً ما تكون النساء في حالة تأهب أكبر للاستجابة لاحتياجات الأطفال، مما يؤثر سلباً على قدرتهن على الاسترخاء والدخول في نوم عميق ومستمر.
نصائح عملية للمرأة من أجل نوم أفضل
للحصول على الراحة التي تحتاجينها، لا يقتصر الأمر على محاولة النوم لساعات أطول، بل يتعلق بتحسين جودة هذه الساعات.
إعطاء الأولوية للتعافي الذهني
بما أن الجهد الذهني والمهام المتعددة هي من الأسباب الرئيسية، فإنّ إراحة العقل قبل النوم أمر بالغ الأهمية:
فترة تهدئة: خصّصي آخر ساعة قبل النوم للأنشطة الهادئة. تجنبي العمل، أو تفقّد رسائل البريد الإلكتروني، أو مناقشة المشاكل المعقدة في هذا الوقت.
تفريغ الدماغ : إذا كانت الأفكار والمهام تشغل بالك، اكتبي قائمة مهام اليوم التالي أو سجلي أي هواجس لديكِ في دفتر ملاحظات بعيد عن السرير. هذا يساعد على تفريغ ذهنك من “عبء” التفكير في الغد.
تقنيات الاسترخاء: مارسي تمارين التنفس العميق، أو التأمل لمدة 5-10 دقائق، أو استمعي إلى موسيقى هادئة لمساعدة عقلك على التوقف عن العمل المكثف.
إدارة العوامل الهرمونية والنفسية
التعامل مع التغيرات البيولوجية والنفسية يتطلب استراتيجيات خاصة:
متابعة اضطرابات النوم: إذا كنتِ تعانين باستمرار من الأرق أو شعور بالتعب رغم النوم الكافي، استشيري طبيبك. يمكن أن تكون المشكلة مرتبطة بنقص الفيتامينات أو اختلال هرموني أو اضطراب نوم (مثل انقطاع النفس النومي).
الدعم النفسي: لا تترددي في طلب الدعم إذا كنتِ تشعرين بالقلق أو الاكتئاب، فهما يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بسوء جودة النوم.
الرياضة المنتظمة: ممارسة الرياضة باعتدال تساعد على تنظيم الهرمونات وتحسين المزاج والنوم، لكن تجنبي التمارين الشديدة قبل النوم مباشرة.
تحسين بيئة النوم ونظافته
الجدول الزمني الثابت: حاولي النوم والاستيقاظ في نفس الأوقات يومياً، حتى في عطلات نهاية الأسبوع. هذا ينظم ساعتك البيولوجية.
غرفة النوم للنوم فقط: اجعلي غرفة نومك باردة ومظلمة وهادئة. تجنبي استخدام السرير للعمل أو مشاهدة التلفزيون.
تقليل الكافيين: تجنبي المنبهات، خاصة في فترة ما بعد الظهر والمساء، لأنها تؤثر على قدرتك على الدخول في نوم عميق.
الضوء الأزرق: تجنبي الشاشات الإلكترونية (الهاتف، التابلت، التلفزيون) قبل ساعة على الأقل من النوم، حيث يؤثر ضوؤها الأزرق على إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم.
نصيحة إضافية مهمة: المشاركة وتخفيف الأعباء
في ضوء أن المسؤوليات الاجتماعية هي عامل كبير، حاولي إعادة التفاوض بشأن توزيع المهام الأسرية والمنزلية (العمل غير المدفوع) مع الشريك أو أفراد الأسرة الآخرين. تقليل الضغط اليومي يمكن أن يخفف من العبء الذهني ويزيد من فرص الاسترخاء الضرورية للدخول في نوم عميق ومُنعش.
