كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
تُعدّ إدارة مرض السكري رحلة تتطلب الوعي والالتزام بالخطة العلاجية الصحيحة. للأسف، تنتشر العديد من الأخطاء والمعتقدات الخاطئة التي لا تضر بالصحة فحسب، بل يمكن أن تهدد حياة المريض.
الممارسات والمعتقدات الخاطئة في إدارة السكري
تتنوع الأخطاء التي يقع فيها مرضى السكري، وتتراوح بين التوقف عن الدواء واللجوء إلى علاجات غير مثبتة علميًا.
الإفراط في الاعتماد على العلاجات البديلة غير المثبتة
يعتقد البعض خطأً أن العلاجات العشبية أو الأطعمة المُرّة يمكن أن تشفي مرض السكري تمامًا أو تغني عن الأدوية الموصوفة.
الضرر: لا يمكن لهذه العلاجات أن تحل محل الأدوية الطبية (مثل الإنسولين أو منظمات السكر)، والاعتماد عليها يؤدي إلى تدهور التحكم في سكر الدم، مما يسرّع من ظهور مضاعفات السكري الخطيرة على المدى الطويل، مثل اعتلال الشبكية أو مشاكل الكلى والأعصاب.
التوقف عن الأدوية أو تعديل الجرعات دون استشارة الطبيب
من الأخطاء الشائعة أن يقوم المريض بإيقاف الدواء (خاصة الإنسولين) أو تعديل الجرعات بنفسه، بحجة أن مستوى السكر أصبح “جيدًا” أو خوفًا من الآثار الجانبية.
الضرر: هذا التصرف يؤدي إلى تذبذب حاد وغير منتظم في مستويات السكر. قد يسبب التوقف المفاجئ ارتفاعًا خطيرًا في السكر، بينما تعديل الجرعات بطريقة خاطئة يمكن أن يؤدي إلى نقص حاد في سكر الدم (هبوط)، وهي حالة طارئة قد تسبب الدوار، فقدان الوعي، أو حتى الوفاة.
تناول أدوية لرفع مستوى السكر دون وعي
قد يضطر مريض السكري لتناول أدوية لحالات صحية أخرى قد تؤثر سلبًا على سكر الدم.
الستيرويدات القشرية (مثل البريدنيزون): تُستخدم لعلاج الربو والالتهابات، ولكنها تزيد بشكل كبير من مقاومة الأنسولين وترفع مستويات السكر.
بعض أدوية الإنفلونزا ومضادات الاحتقان: قد تحتوى على مواد ترفع السكر أو تؤثر على فعالية أدوية السكري.
يجب إخبار الطبيب المعالج للسكري بأي دواء جديد يتم تناوله، حتى لو كان دون وصفة طبية، لتعديل جرعات أدوية السكري لتجنب الارتفاع المفاجئ.
الخوف غير المبرر من الإنسولين وأدوية السكري
يخشى البعض من استخدام الإنسولين أو بعض الأدوية الحديثة، معتقدين أنها تؤدي إلى إدمان أو أنها تسبب تدهور الكلى.
الحقيقة: الإنسولين ضروري لعلاج السكري من النوع الأول، وكثير من مرضى النوع الثاني يحتاجونه مع تقدم المرض. أدوية السكري الحديثة ليست السبب في تدهور الكلى؛ بل السبب الرئيسي هو ارتفاع سكر الدم غير المتحكم فيه هو ما يدمر الكلى بمرور الوقت. الأدوية تساعد في حماية الكلى عن طريق تنظيم السكر.
أخطاء نمط الحياة التي تقوض العلاج
حتى مع الالتزام بالأدوية، يمكن أن تقوض بعض الأخطاء في نمط الحياة جهود العلاج.
عدم الالتزام بالتغذية الصحيحة
الاعتقاد الخاطئ: أن الامتناع التام عن الحلويات يحل المشكلة.
التصحيح: التحكم في السكري لا يعني الامتناع الكلي، بل يتطلب نظامًا غذائيًا متوازنًا يشمل التحكم في كمية الكربوهيدرات الكلية (النشويات والسكريات) وتوزيعها على مدار اليوم. التركيز على الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة أو الإفراط في الفواكه المجففة أو النشويات يعد خطأً كبيرًا.
إهمال الرياضة
الاعتقاد الخاطئ: أن ممارسة الرياضة قد تكون خطرة على مرضى السكري (خاصة الأطفال).
التصحيح: النشاط البدني المنتظم هو عنصر أساسي في العلاج، لأنه يزيد من حساسية الخلايا للأنسولين ويساعد على خفض سكر الدم والوزن، مما يقلل من مقاومة الإنسولين.
عدم مراقبة سكر الدم بانتظام
الخطأ: الاكتفاء بقياس السكر عند الشعور بالتعب أو مرة واحدة في اليوم.
الضرر: المراقبة المنتظمة هي الأداة الرئيسية لمعرفة كيفية استجابة الجسم للطعام والنشاط والدواء، وإهمالها يعني عدم القدرة على اكتشاف الارتفاعات أو الانخفاضات الخطيرة في الوقت المناسب.
إن مرض السكري حالة مزمنة تتطلب شراكة فعالة بين المريض وفريقه الطبي. لا يوجد “علاج سحري” لمرض السكري، واللجوء إلى علاجات غير موثوقة أو تعديل الخطة العلاجية دون علم الطبيب يعرض المريض لمخاطر صحية جسيمة، قد تصل إلى المضاعفات الدائمة أو الوفاة.
التحكم الفعال يتمثل في:
الاستشارة الطبية: الالتزام بالخطة العلاجية والجرعات المحددة من قبل طبيب السكري.
الوعي: فهم طبيعة المرض وتجنب الأدوية والممارسات التي ترفع السكر.
نمط الحياة: اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام.
