بقلم / عادل النمر
في زمن امتلأ بالضجيج، يبقى الحب هو اللغة الوحيدة التي تنصت لها الأرواح قبل القلوب. الحب ليس مناسبة، بل هو المعنى الذي به نحيا. هو نور الحياة وسر الوجود، ولذة الروح التي لا تشترى. هو نعمة الله في أرضه، وأسمى ما في الكون من مشاعر.
خلقت قلوبنا لتنبض بالحب، وأرواحنا لتتنفسه، فما أجمل الحياة حين يملؤها الحب، وما أقساها حين تخلو منه.
ألم تملّوا من صخب الماديات وطغيانها على كل شيء؟ ألا يحقّ لأرواحنا أن تستريح تحت ظل حب نقي يروينا بالأمل ويزرع فينا التفاؤل؟
فالحب هو اللغة الوحيدة التي لا تعرف الترجمة، لأنه يُقال بالقلب لا بالكلمات، والتعلق بالروح هو أرقى وأصعب أنواع الحب، لأنه يستهدف أعماقنا لا مظهرنا.
وحين تعشق روحًا، تنطق عيناك بالحب، ويحضن نبضك نبض من تحب، وتشعر بما لا يُقال، وتراهم كما لا يراهم أحد غيرك.
الروح وحدها لا ينال منها الزمان، فلا الموت يفرقها، ولا الغياب يطفئها، لأن الأرواح تظل في عناق أبدي حتى بعد الرحيل.
وحين تحب روح أحد بصدق، لن تستطيع أن تراها في أحد آخر، لأن الروح لا تُستبدل، وما أجمل الحياة حين تجمعنا بأرواح طيبة لا تعرف إلا الحنان والدفء.
ابحث عن من تأمنه حين تتكلم، وحين تبوح، وحين تغضب، واختر من إن قست عليك الأيام وجدت فيه حضنًا آمنًا لا يخيب.
عيد الحب فرصة لنعيد اكتشاف ذواتنا قبل الآخرين، لِننسى الخلافات ونصغي للغة الحب التي تهدئ القلوب وتنير الأرواح.
فالحب هو لمعة العين، وبريق القلب، وحدائق الدنيا. هناك من يفقده، وهناك من يفتقده، وهناك من يعيش له.
ومهما بلغت قوة شخصيتك، سيبقى هناك شخص واحد يجعلك ضعيفًا أمامه، لا عن ضعف، بل عن محبة ومكانة راقية في قلبك.
لا زلنا نحتضن أناسًا في قلوبنا رغم البعد، وكلما ابتعدوا ازددنا لهم حبًا.
أحيانًا تتنفس أرواحنا حنينًا واشتياقًا، لكن المسافات تبقى حاجزًا أمام فرح اللقاء، فما قيمة الحب إن ضاع العمر في الانتظار؟
فالحب لا قانون له؛ قانونه الشوق والعذاب، والكبرياء فيه عدو الاعتراف.
حب الروح للروح يدوم ما دامت الأنفاس، بل يستمر حتى بعد الرحيل إلى السماء.
أما حب الجسد للجسد، فيزول بزوال الجمال.
فعشق الروح لا ينتهي، ولغتها لا تخطئ، وذاكرتها لا تنسى، وقوتها لا تُقهر، وجمالها لا يوصف.
قُضي الأمر؛ فالحب قدر، والأقدار لا تُبدل ولا تُرد.
ويبقى حب الروح هو الأسمى والأبقى، حتى وإن لم يُكتب لنا اللقاء.
فلتبقَ أرواحنا في عناق سرمدي لا ينتهي، وليدم في قلوبنا نهر الحب الجاري، نورًا ودفئًا ورحمة.
اللهم اجعل قلوبنا تنبض بالحب، واجعل في أرواحنا نهرًا من الحب لا يجف.
ويبقى الحب أجمل ما في الحياة، نورًا لا يخبو، وروحًا لا تفنى، وعناقًا أبديًا بين القلوب.
