ديني

التقوى والصيام: طريق النجاة والفوز العظيم

أحمد حسني القاضي 

التقوى والصيام مفهومان متلازمان في الإسلام، فالتقوى هي روح العبادة وغايتها، والصيام من أعظم العبادات التي تغرس التقوى في النفوس، كما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

التقوى.. جوهر الصيام وهدفه

التقوى هي الخشية من الله، والعمل بطاعته، وترك معصيته، وهي وصية الله لعباده في كل زمان ومكان، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].

والصيام من أهم الوسائل التي تعين المسلم على تحقيق التقوى؛ لأنه يعلمه مراقبة الله في السر والعلن، فيمتنع عن شهواته امتثالًا لأمر الله، فيعتاد ضبط النفس، وكبح جماح الرغبات، مما يجعله أكثر تقوى في باقي شؤون حياته.

كيف يحقق الصيام التقوى؟

1. مراقبة الله: الصائم يمتنع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات ليس خوفًا من الناس، بل إيمانًا واحتسابًا، وهذا يربي في قلبه المراقبة والخشية.

2. الإخلاص: الصيام عبادة سرية بين العبد وربه، لا يعلم حقيقتها إلا الله، مما يعزز في النفس الإخلاص له وحده.

3. كبح الشهوات: بالصيام يتعلم المسلم الصبر على الجوع والعطش، فيقوى على كبح شهواته في غيره من الأمور.

4. الزهد والتواضع: الصائم يستشعر جوع الفقراء والمساكين، فيلين قلبه لهم، ويزداد إحساسه بالمحتاجين، فيدفعه ذلك للإنفاق والرحمة.

5. تزكية النفس: قال النبي ﷺ: “من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” [البخاري]. فالصيام ليس مجرد الامتناع عن الطعام، بل هو مدرسة أخلاقية لتطهير القلب والجوارح من الآثام.

ثمار التقوى في الدنيا والآخرة

التقوى ليست فقط ثمرة الصيام، بل هي مفتاح السعادة والفلاح، كما قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2-3].

وفي الآخرة، ينال المتقون الفوز العظيم، كما قال تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا) [النبأ: 31]. فالتقوى هي طريق الجنة، كما في الحديث: “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” [الترمذي].

خاتمةالتقوى هي الغاية العظمى من الصيام، وهي الحصن الحصين للعبد في حياته وبعد مماته، فمن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، وحرص على أن يكون صيامه سببًا في تقواه، فليبشر بمغفرة الله ورضوانه، ولينظر إلى الصيام كوسيلة للارتقاء الروحي والأخلاقي، لا مجرد عبادة شكلية.

نسأل الله أن يجعلنا من المتقين، وأن يرزقنا صيامًا خالصًا لوجهه الكريم، وأن يتقبله منا بقبول حسن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى