عبادة الجمال في مصر القديمة

د. إيمان بشير ابوكبدة
في مصر القديمة، كان للجمال والعناية بالجسم نوع من العبادة. لم تكن لمستحضرات التجميل قيمة علاجية فحسب، بل كانت لها أيضا قيمة روحية ودينية.
كانت مصر أكبر منتج للمراهم والعطور، وكانت أجود المواد تأتي من دلتا النيل، وتحفظ في جرار في غاية خاصة مصنوعة من المرمر أو السيراميك أو الزجاج، مزينة بقطع من الحجارة الملونة التي تشكلت تصاميم هندسية.
عبادة النظافة
بالنسبة للمصريين، كان الجسد يعتبر مكانا مقدسا، “موطن الروح الخالدة”، لدرجة أنهم آمنوا باستمرار الحياة والجمال في الحياة الآخرة.
ولذلك كانت النظافة والعناية الشخصية أمرين أساسيين للجمال، لكن نظافة الجسد ارتبطت أيضا بنقاء الروح، لدرجة أن المنازل كانت مجهزة بحمامات وفي المحكمة كان يوجد منصب “رئيس الحمام” نظرا إلى مسؤول موثوق به للغاية، مسؤول عن التحقق من أن خدمة المراحيض المخصصة للفرعون تم تنظيمها بطريقة دقيقة للغاية.
المصريون القدماء يستحمون يوميا ويستخدمون العطور ومستحضرات الجسم لتنعيم البشرة، والعمل كواقي من الشمس، والحفاظ على شباب البشرة، ومنع التجاعيد.
حلقوا لتجنب القمل واستخدموا بانتظام مستحضرات التجميل المشتقة من المغرة وخشب الصندل. كما أنهم حددوا أعينهم بمعجون أخضر أو أسود مصنوع من الطلاء والماء، ثم استخدموا فيما بعد الكحل الذي يحمى العيون أيضا من الالتهابات التي تسببها أشعة الشمس أو الغبار أو الذباب.
كانت العطور تحظى بشعبية كبيرة في مصر القديمة. استخدم الكهنة المصريون الراتنجات العطرية لمواجهة رائحة القرابين وكوسيلة للتواصل مع الآلهة. كان المصريون القدماء أول حضارة تسجل كتابة تركيبة الزيوت والخلاصات المستخدمة في صنع الروائح التي كانت ترتديها الفراعنة والملكات.
وكانت العطور تعتبر بمثابة عرق إله الشمس رع، الذي تم شفاءه على يد إله العطور نفرتوم. وكان الأخير أيضا إله الشفاء من خلال قوة الزهور والنباتات والأعشاب العطرية والأوراق والبذور والأخشاب والراتنجات واللثة. وهكذا، كان العلاج بالروائح يمارس على نطاق واسع.
العطور المصرية القديمة وطريقة صناعتها
تشير موسوعة مصر القديمة إلى أن “المصريين أحبوا العطور الحلوة والحارة التي تملأ الهواء برائحتها الطويلة الأمد”
كان العطر الأكثر شهرة وباهظ الثمن في مصر هو كيفي. عطر نادر وباهظ الثمن لدرجة أنه كان يستخدم في المقام الأول في المعابد كبخور يحرق ليلا أكثر من مجرد عطر. وقد احترقت عندما بدأت الآلهة رحلتها إلى العالم السفلي، وضمنت العودة الآمنة لرع، إله الشمس. وكان يصنع من اللبان والمر والمستكة والصنوبر والقرفة والهيل والزعفران والعرعر والنعناع وسائر الأعشاب والبهارات. وجاءت مكونات كيفي من الصومال وإريتريا.
إن عملية صنع عطر مصري قديم أصيل لا تقل أهمية عن المكونات. صناعة العطور هي بمثابة بعث إله، فالعملية تتطلب تقديسا وصبرا ومثابرة، ويجب اتباع الأساليب والتوقيت بدقة.