الرياضةمقالات

دراما رمضان بين الترفيه والإفساد: هل أصبح الحرام عادياً؟

د/ حمدان محمد

رمضان شهر الطاعة والعبادة، لكنه تحول في السنوات الأخيرة إلى موسم ترويج للانحرافات الأخلاقية، حيث تقدم الدراما ألفاظًا قذرة وأفعالًا محرمة وكأنها تريد أن تستبيحها وتسوّق لها على أنها أمر طبيعي. وهذا خطر داهم يهدد القيم والمبادئ الإسلامية التي بُني عليها المجتمع.

فالدراما ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أداة فعالة في تشكيل الوعي الجماعي. وعندما يتكرر عرض الألفاظ القبيحة والمشاهد غير الأخلاقية، يتسلل إلى نفوس المشاهدين إحساسٌ بأن هذه الأمور عادية، طالما أن من يقوم بها ممثلون يُقدَّمون على أنهم “قدوة”.

وإن أخطر ما في الأمر أن المشاهد، وخاصة الشباب، قد يتبنون هذه التصرفات دون وعي، بحكم التكرار والتعوّد. وهذا نوع من التطبيع مع الفساد الأخلاقي، وهو ما حذرنا منه النبي ﷺ بقوله: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت” (رواه البخاري).

ولم يقتصر الأمر على نشر الفحش، بل امتد إلى تغيير المفاهيم الدينية نفسها، حيث نرى بعض الأعمال تستخف بالمحرمات، أو تتناول القضايا الشرعية بأسلوب ساخر يفرغها من مضمونها، فيأتي المشاهد غير المتخصص ليظن أن ما يُعرض هو الفهم الصحيح للإسلام.

فإن أخطر ما تواجهه الأمة هو التشويه الممنهج للقيم الدينية عبر وسائل الإعلام، فقد قال الله تعالى: “وَيُرِيدُ ٱلشَّيَٰطِينُ أَن يُضِلُّهُمْ ضَلَٰلًۭا بَعِيدًۭا” (النساء: 60).

فالإعلام ليس مجرد وسيلة للعرض، بل هو قوة ناعمة تصوغ العقول، وإذا لم يكن مسؤولًا، أصبح معول هدمٍ للأخلاق. وما يحدث في كثير من المسلسلات الرمضانية هو عملية ممنهجة لضرب الأسرة المسلمة في صميمها، عبر تقديم شخصيات بلا ضوابط أخلاقية، وعلاقات محرمة تُعرض وكأنها نموذج طبيعي للحياة.. فإذا كان الإعلام هو “الأب الثالث”، فماذا يفعل بالناشئة إذا كان يربيهم على القبح والانحراف؟

فالمسؤولية مشتركة والحل المطلوب

فهذا دور المشاهد: الوعي والانتقاء، فلا ينبغي أن نكون متلقين سلبيين لما يُعرض علينا.

وهذادور الأسرة: متابعة المحتوى الذي يُشاهد داخل البيوت، وتربية الأبناء على التفريق بين الحق والباطل.

ولابد من معرفة دور العلماء والدعاة: التحذير من هذه المخاطر، وتقديم البدائل النافعة.

ودور صناع الإعلام: أن يدركوا أنهم مسؤولون أمام الله، فلا يجعلوا الفن وسيلة لنشر الفساد.

قال الله تعالى: “إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ ۚ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (النور: 19).

فإن معركة القيم لم تنتهِ، ومسؤوليتنا جميعًا أن نحمي أجيالنا من هذا الطوفان الإعلامي الجارف، ونحافظ على هويتنا الإسلامية. فهل آن الأوان لوقفة جادة تعيد الإعلام إلى مساره الصحيح؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى