مقالات

ازدواجية الإنسان بين الرفض والممارسة

ياسمين إبراهيم 

كل الناس يدينون القبح، لكنهم يشاركون فيه. كل الناس ينتقدون الابتذال والإسفاف، لكنهم يساهمون في انتشارهما. كل الناس يشتكون من الشخصيات السامة، لكنهم لا ينجذبون إلا إليها! هذه المفارقات تكشف عن ازدواجية متأصلة في النفس البشرية، حيث يتبنى الإنسان خطابًا مثاليًا أمام الآخرين، بينما تنكشف حقيقة أفعاله في لحظات الصمت والتلقائية.

لكن، لماذا نقع في هذا التناقض؟ ربما لأن القبح والابتذال غالبًا ما يكونان أكثر إثارة وجاذبية من الجمال والرقي، أو لأن الإنسان يجد راحته في الجماعة، حتى لو كانت تسير في الاتجاه الخاطئ. في كثير من الأحيان، نتصور أنفسنا أنقياء، بينما ننغمس – بوعي أو دون وعي – في سلوكيات نرفضها علنًا.

وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي زادت من حدة هذه الظاهرة، فالجميع يهاجم محتوى معينًا بدعوى الإسفاف، لكنه الأكثر مشاهدة وتفاعلًا! الجميع يشتكي من تفاهة المشاهير، لكنه يهرع لمتابعتهم. وهكذا نعيش في دائرة من الإنكار والمشاركة في آن واحد.

الحل ليس في لوم الآخرين فقط، بل في مواجهة أنفسنا أولًا. هل نمارس ما ندّعي الإيمان به؟ هل نملك الشجاعة لمقاطعة ما نرفضه، أم أننا نستمتع به سرًا ونستنكره جهرًا؟ التغيير لا يبدأ بالمجتمع، بل بالفرد. حين نتحرر من هذه الازدواجية، قد نجد عالمًا أكثر انسجامًا بين القيم والممارسات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى