رجال الظل وخائنة الوطن

كتب /حموده امين حسين
هبة عبد الرحمن سليم . ولدت في أوائل الأربعينيات بحي المهندسين الراقي في القاهرة، لعائلة ميسورة الحال. التحقت بكلية الآداب، قسم اللغة الفرنسية، بجامعة القاهرة، وكانت فتاة مثقفة، أنيقة، وطموحة. بعد تخرجها، سافرت إلى باريس لمتابعة دراستها العليا، وهناك بدأت رحلتها في عالم الجاسوسية.
أثناء دراستها في باريس، اقتربت هبة من بعض الإسرائيليين في أوساط الطلاب، وبدأت تدريجيًا في التردد على مراكز ثقافية مشبوهة، وتم تجنيدها من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي. تم تدريبها على أساليب التجسس، وبفضل علاقتها العاطفية بضابط مصري يُدعى فاروق الفقي، كانت قادرة على تمرير معلومات حساسة عن الجيش المصري، خاصة المتعلقة بأنظمة الدفاع الجوي
استغلت هبة علاقتها الوثيقة بالضابط المصري الذي كان يشغل منصبًا هامًا في القوات المسلحة، حيث أقنعته – تحت غطاء الحب – بإفشاء معلومات شديدة الخطورة عن تحركات الجيش المصري ومواقع الصواريخ. كانت هذه المعلومات تصل إلى إسرائيل، وتُستخدم لضرب أهداف مصرية بدقة شديدة خلال حرب الاستنزاف.
بدأت الشكوك تحوم حول وجود اختراق أمني بعد استهداف إسرائيل مواقع عسكرية سرية بشكل متكرر. ومن خلال جهد استخباراتي ضخم، تمكنت المخابرات العامة المصرية من تتبع خيوط الخيانة التي قادت إلى فاروق الفقي، ومن خلاله إلى هبة سليم.
هربت هبة إلى ليبيا، وظنت أنها بأمان، لكن المخابرات المصرية تمكنت من إقناع السلطات الليبية بتسليمها في عملية معقدة، ونُقلت سرًا إلى القاهرة.
تم تقديم هبة سليم للمحاكمة، وصدر ضدها حكم بالإعدام شنقًا، نُفذ في عام 1974. أما فاروق الفقي، فقد أُعدم رميًا بالرصاص داخل مقر عسكري.
قصة هبة سليم ألهمت السينما المصرية، فجُسدت في فيلم “الصعود إلى الهاوية” عام 1978، من بطولة محمود ياسين ومديحة كامل، وأصبح من أهم أفلام الجاسوسية في تاريخ السينما العربية.