الرياضة

وداع الكبار… دموع البرنابيو وحكاية الوفاء المدريدي

 

أحمد حسني القاضي الأنصاري

لم يكن ذلك مجرد يوم عادي في سانتياغو برنابيو، بل كان يوماً نقش فيه التاريخ مشهدًا من الوفاء والعرفان. ودّع ريال مدريد اثنين من أيقوناته الخالدة: كارلو أنشيلوتي، رجل الحكمة والهدوء، ولوكا مودريتش، ساحر خط الوسط وصاحب التمريرة المثالية.

لم تكن نتيجة المباراة هي ما شدّ الأنظار، بل كانت تلك اللحظات المفعمة بالمشاعر: تصفيق الجماهير، الدموع الصادقة، والعناق الحار الذي ملأ الأجواء. مدرجات البرنابيو رددت الحب بصوتٍ عالٍ، مُعبّرة عن امتنان لا يوصف لهذين الرجلين اللذين تركا أثرًا خالدًا في القلوب.

أنشيلوتي، بابتسامته التي تطمئنك، ومودريتش، بتواضعه ورُقيّه، نالا وداعًا من طرازٍ رفيع. وكانت لحظة تعانقهما وسط الملعب، بعد مراسم التكريم، بمثابة مشهد سينمائي نادر، أظهر عمق العلاقة التي جمعت بينهما… لا كمدرب ولاعب، بل كأب وابنه.

وفي خضم هذه الأجواء المؤثرة، أظهر لوكاس فاسكيز روحًا عالية، حين اختار التراجع عن الأضواء في ظهوره رقم 400 مع الفريق، ليُفسح المجال أمام تكريم زميليه. تصرفه هذا لم يمر مرور الكرام، بل سجله التاريخ كدليل على إخلاصه للنادي الذي تربى فيه.

أما كيليان مبابي، فكان كعادته حاضرًا في المشهد التنافسي، حيث أضاف هدفين جديدين إلى رصيده، رافعًا العدد إلى 43 هدفًا في الموسم، ومُعلنًا بوضوح أنه لا يزال الأوفر حظًا للفوز بالحذاء الذهبي، مع تطلع لزيادة الغلّة في كأس العالم للأندية.

ولأن ريال مدريد ليس مجرد نادٍ، بل كيان يحمل في قلبه التاريخ والمبادئ، فإن وداع أبطاله يُصبح درسًا في الوفاء، لا لحظة نهاية. هؤلاء هم من رسموا ملامح المجد، ومنحوا القميص الأبيض هيبته ورونقه، وعلّمونا أن العطاء لا يُقاس بعدد الألقاب، بل بصدق الانتماء.

البرنابيو لم يكن يبكي فقط… بل كان يشكر. يشكر رجالًا أعطوا، فأحبّهم الجميع.

وفي النهاية، تبقى الكلمات قاصرة أمام لحظة كهذه. لحظة يودّع فيها القلب من أحبه، ويشكر من ألهمه، ويعد بالوفاء ما دام في العمر نبض.

“اليوم أغادر جزءًا من روحي مع من علموني المعنى الحقيقي للانتماء. شكرًا أنشيلوتي، شكرًا مودريتش… إلى لقاء قريب، في صفحات المجد الأبيض.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى