الطريق إلى برلمان 2026.. خريطة التحركات الحزبية وتوازنات المشهد السياسي

كتب / عادل النمر
مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب المقرر إجراؤها في عام 2026، تشهد الساحة السياسية المصرية نشاطًا ملحوظًا بين الأحزاب السياسية المختلفة، التي بدأت بالفعل في الإعداد والترتيب لخوض هذا الاستحقاق الدستوري. تتنوع الاستراتيجيات وتختلف أولويات الأحزاب، غير أن القاسم المشترك بينها جميعًا هو السعي إلى تشكيل برلمان فاعل يعكس تطلعات الشارع، ويواكب التغيرات التي تشهدها الدولة المصرية في ظل الجمهورية الجديدة.
وفي هذا الإطار، أعلن الدكتور عفت السادات، رئيس حزب السادات الديمقراطي ووكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أن الحزب يعكف على تجهيز قوائمه الانتخابية بعناية، وقد تقرر بشكل مبدئي الدفع بـ 19 مرشحًا على المقاعد الفردية موزعين على عدد من المحافظات، أبرزها المنوفية والإسكندرية والقاهرة والقليوبية وسوهاج. كما أشار إلى أن الحزب لم يحسم بعد عدد المرشحين على نظام القائمة، موضحًا أن المشاورات لا تزال جارية بالتنسيق مع قوى سياسية أخرى.
وأوضح السادات أن الحزب يولي اهتمامًا خاصًا لاختيار مرشحين يتمتعون بالكفاءة والحضور الشعبي، حيث تخضع طلبات الترشح لمعايير دقيقة تشمل السمعة الطيبة، والقدرة على التواصل مع المواطنين، فضلًا عن الالتزام بالدورين الرقابي والتشريعي داخل البرلمان. كما أشار إلى أن الحزب يسعى إلى تمثيل مختلف فئات المجتمع، بما يشمل الشباب والمرأة، التزامًا بتوجهات الدولة نحو تمكين هذه الفئات وإدماجها في الحياة السياسية.
وأضاف أن الهدف الأساسي للحزب في هذه المرحلة هو خدمة المواطن المصري، من خلال طرح حلول واقعية للتحديات التنموية، وتعزيز المشاركة السياسية عبر كوادر مؤهلة قادرة على دعم مشروع الدولة ومواجهة التحديات المعاصرة، معتبرًا أن هذه الانتخابات تمثل فرصة حقيقية لإثبات جدية العمل الحزبي في الشارع السياسي المصري.
من جانبه، أكد القبطان محمود جبر، نائب رئيس حزب المؤتمر وأمين الحزب بمحافظة القاهرة، أن حزبه يعكف على إجراء تقييم شامل للدوائر الانتخابية المختلفة، تمهيدًا لاختيار مرشحين قادرين على تمثيل المواطنين بفاعلية. وأوضح أن الحزب لا يعتمد فقط على المعايير الانتخابية التقليدية، بل ينظر أولًا إلى الانتماء الوطني الصادق، والقدرة على دعم مؤسسات الدولة والعمل ضمن إطار رؤية الدولة المصرية.
وأضاف أن “المؤتمر” سيُعلن قريبًا عن قائمة مرشحيه بعد استكمال الإجراءات التنظيمية والتقييمات اللازمة، مشددًا على أن الحزب لن يدفع سوى بمن يملك سجلًا خدميًا حقيقيًا، وله تواجد ملموس بين المواطنين، ويستطيع التعبير عن تطلعاتهم في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وأشار جبر إلى أن التعديلات التشريعية التي شهدتها قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، والتي صدّق عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي، جاءت لتُعزز من مبدأ العدالة في التمثيل السكاني والجغرافي، كما تؤكد حرص الدولة على تمثيل الشباب والمرأة بشكل فعال. واعتبر أن هذه التعديلات تمثل فرصة لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية وتفعيل دور البرلمان كمؤسسة رقابية وتشريعية رئيسية.
وفي السياق ذاته، يواصل المهندس موسى مصطفى موسى، رئيس حزب الغد، عقد سلسلة من الاجتماعات مع قيادات الحزب، في إطار التحضيرات المكثفة للمشاركة في الانتخابات المقبلة ضمن تحالف “القائمة الوطنية”. وذكر الحزب في بيان له أن الاجتماعات تهدف إلى الخروج برؤية موحدة وبرنامج انتخابي واقعي، يأخذ في الاعتبار التحديات الراهنة التي تواجه الدولة المصرية، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
وأكد رئيس الحزب أن البرلمان المقبل يجب أن يضم نوابًا يمتلكون رؤية تشريعية واضحة، وخبرة عملية في التعامل مع الملفات المختلفة، إلى جانب الوعي التام بأهمية دعم الدولة ومؤسساتها في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية. وأضاف أن البرلمان لا بد أن يكون انعكاسًا حقيقيًا لنبض الشارع المصري، وأن يضم نوابًا يعبرون عن آلام الناس وآمالهم، ويتابعون مشكلاتهم من أرض الواقع، ويعملون على إيجاد حلول عملية لها.
وشدد على ضرورة أن يتحلى نواب البرلمان المقبل بالقدرة على مواجهة الضغوط الخارجية والتحديات المرتبطة بالأمن القومي، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تتطلب من الجميع الوقوف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية، وتعزيز الاستقرار الداخلي الذي يمثل حجر الأساس في بناء مستقبل مزدهر لمصر.
وفي مجمل المشهد، تبدو ملامح الانتخابات البرلمانية المقبلة محكومةً برغبة واضحة لدى الأحزاب في ترسيخ تواجدها السياسي، وتقديم كوادر قادرة على المساهمة الفاعلة في عملية الإصلاح السياسي والتشريعي. وبينما تتسارع وتيرة الاستعدادات، تظل أنظار الشارع متطلعة إلى برلمان جديد يرقى إلى مستوى تطلعاته، ويواكب المتغيرات المتسارعة في الداخل والخارج.