مجلس الشيوخ : مصر دولة مؤسسات تهتم بترسيخ الديمقراطية والمشاركة السياسية

كتب : جمال حشاد
تُعد انتخابات مجلس الشيوخ المصري خطوة مهمة في استكمال بناء المؤسسات الدستورية للدولة المصرية الحديثة، وتعزيز الحياة النيابية من خلال توفير منصة تشريعية داعمة لمجلس النواب، تسهم في دراسة القوانين والقضايا القومية بعمق وتمهل.
ما هو مجلس الشيوخ؟
مجلس الشيوخ هو الغرفة الثانية من البرلمان المصري، أعيد تشكيله بناءً على التعديلات الدستورية لعام 2019، ويضم 300 عضو، يُنتخب ثلثهم بالاقتراع العام السري المباشر، ويُعيّن رئيس الجمهورية الثلث الآخر، بينما يُنتخب الثلث المتبقي بنظام القوائم.
أهداف المجلس ودوره
يختص مجلس الشيوخ بدراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بتوسيع دعائم الديمقراطية، ودعم السلم الاجتماعي، والمساعدة في تطوير النظام التشريعي. كما يقدم آراء استشارية في مشروعات القوانين والاتفاقيات الدولية، ويمثل عنصرًا مكملًا للعمل النيابي.
مراحل العملية الانتخابية
بدأت انتخابات مجلس الشيوخ بإعلان الهيئة الوطنية للانتخابات الجدول الزمني، مرورًا بتلقي طلبات الترشح، ثم إعلان القوائم النهائية، وانطلاق الحملات الدعائية، ووصولًا إلى إجراء الاقتراع داخل مصر وخارجها، ثم إعلان النتائج.
إقبال الناخبين والمشاركة المجتمعية
رغم بعض التحديات، شهدت الانتخابات مشاركة ملحوظة، خاصة من كبار السن والنساء، في ظل جهود حكومية ومجتمعية لتشجيع الناخبين على أداء واجبهم الوطني، وسط إجراءات احترازية مشددة لضمان السلامة العامة.
أهمية المجلس في المرحلة القادمة
تأتي أهمية مجلس الشيوخ في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تمر بها مصر، حيث يُنتظر أن يسهم بدور فاعل في دعم القرار السياسي والتشريعي، بما يعزز الاستقرار ويرسّخ مبدأ الشراكة المجتمعية في صنع السياسات العامة.
الرقابة على الانتخابات: ضمانات النزاهة والشفافية
حرصت الهيئة الوطنية للانتخابات على توفير أقصى درجات الشفافية والنزاهة، من خلال الإشراف القضائي الكامل على جميع اللجان، إضافة إلى السماح لمنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية بمتابعة العملية الانتخابية. كما تم توفير آليات لتلقي الشكاوى والطعون، بما يضمن تصحيح أي مخالفات قد تؤثر على سير الانتخابات أو نتائجها.
التحديات التي واجهت العملية الانتخابية
رغم الجهود الكبيرة، واجهت العملية الانتخابية بعض التحديات، من أبرزها ضعف الوعي بدور مجلس الشيوخ لدى بعض الفئات، وغياب المنافسة القوية في بعض الدوائر. كما لعبت الظروف الاقتصادية والاجتماعية دورًا في التأثير على نسب المشاركة، خصوصًا بين الشباب، الذين تحتاج الدولة إلى العمل أكثر على دمجهم في الحياة السياسية.
المرأة والشباب في انتخابات الشيوخ
شهدت الانتخابات حضورًا ملحوظًا للمرأة، سواء كناخبة أو مرشحة، مما يعكس استمرار مسيرة تمكين المرأة في الحياة السياسية المصرية. كما برزت بعض الوجوه الشابة ضمن القوائم المرشحة، ما يفتح الباب أمام تجديد دماء الغرف التشريعية، ويمهد الطريق لخلق جيل سياسي جديد قادر على مواكبة التحديات الراهنة.
الدور المتوقع من الأعضاء الجدد
ينتظر الشارع المصري من أعضاء مجلس الشيوخ الجدد أن يكونوا أكثر ارتباطًا بالقضايا الحقيقية للمواطن، وأن يسهموا في صياغة سياسات واقعية تراعي احتياجات الناس وتدعم جهود التنمية. كما يُؤمّل أن يلعب المجلس دورًا مكملًا لمجلس النواب في مراجعة مشروعات القوانين بعمق علمي وموضوعي، وبعيدًا عن التجاذبات الحزبية الضيقة.
رسالة ديمقراطية للعالم
تؤكد انتخابات مجلس الشيوخ أن مصر تمضي قدمًا في مسار التحول الديمقراطي، وترسل برسالة قوية للعالم بأنها دولة مؤسسات وقانون، تؤمن بالتعددية السياسية والتشاركية في صنع القرار. كما تعزز من صورة مصر الإقليمية والدولية كبلد مستقر يسعى لتحقيق التنمية الشاملة من خلال أدوات تشريعية قوية.
وبذلك، فإن انتخابات مجلس الشيوخ ليست مجرد استحقاق انتخابي، بل هي محطة مهمة في مسار بناء دولة عصرية، يتشارك فيها المواطن والدولة في صناعة المستقبل برؤية ديمقراطية وشاملة.
تُجسد انتخابات مجلس الشيوخ المصري أحد مظاهر النضج الديمقراطي في البلاد، وخطوة إضافية نحو تحقيق تمثيل شعبي أوسع، ومشاركة فعالة في صنع القرار، مما يؤكد عزم الدولة المصرية على السير في طريق الإصلاح السياسي والدستوري.