مقالات

ذكرى البطل احمد المنسى: قائد لن يموت

كتب : جمال حشاد 

في كل ذكرى تمر، يتجدد الحديث عن الشهيد البطل العقيد أركان حرب أحمد المنسي، قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذي سطّر بدمائه أنصع صفحات البطولة والتضحية، وترك وراءه سيرة خالدة لا تموت، بل تزداد إشراقًا كلما مرّ الزمان.

كان المنسي رجلًا لا يشبه سواه، مقاتلًا مغوارًا لم يعرف الخوف، وقائدًا حكيمًا لم يترك رجاله في ساحات المعارك، بل كان دائمًا في الصفوف الأولى، يسبقهم بشجاعته ويحتويهم بإنسانيته. لم يكن فقط جنديًا مدرّبًا، بل كان رجلًا يحمل على كتفيه الوطن، ويحلم بالأمن والسلام لأبناء بلده.

في ملحمة معركة البرث يوم 7 يوليو 2017، كتب المنسي آخر سطور بطولته، حين واجه ببسالة مع مجموعته هجومًا إرهابيًا غادرًا في جنوب رفح، وظل يقاتل حتى الرمق الأخير، دافعًا عن الأرض والعرض، سائلًا روحه فداءً لمصر. كانت كلماته الأخيرة في اللاسلكي، والتي دوّت في أرجاء الوطن، شاهدًا على صموده:

“متحاصرين.. هنموت بس مش هانسيب الموقع لحد.. أبلغوا تحيا مصر”.

هذه الكلمات لم تكن مجرد رسالة، بل أصبحت عهدًا ووصية، يرددها كل مصري حر، ويخلّدها كل وطني يعرف معنى الشهادة.

أحمد المنسي لم يكن مجرد اسم في قائمة الشهداء، بل أصبح رمزًا للكرامة والوطنية، وأسطورة حقيقية في قلوب المصريين. جسّدت حياته معاني الفداء والانتماء، وجاءت شهادته لتُثبت أن مصر لا تنجب إلا الأبطال، وأن ترابها لا يُروى إلا بدماء الأطهار.

رحل المنسي جسدًا، لكنه باقٍ في كل ضمير حي، وفي كل طفل يردد “تحيا مصر”، وفي كل جندي يحمل السلاح من أجل الأرض.

في ذكراه، ننحني احترامًا لتضحيته، ونجدّد عهدنا على أن تظل مصر آمنة قوية، بفضل رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

ورغم مرور السنوات، لا تزال روح المنسي حاضرة في وجدان الوطن، يتناقلها الناس في أحاديثهم، ويذكرها الجنود في مواقعهم، ويستلهم منها الشباب معاني الشرف والانتماء. لم يكن بطلاً من ورق، بل كان بطلاً من دم ولحم، عاش حياته متواضعًا، ومات عظيمًا.

لقد تحول اسم “المنسي” إلى ما هو أبعد من مجرد شهيد. أصبح مدرسة في الوطنية، ومثالًا يُحتذى في التضحية والإيمان بالواجب. عُرضت قصته في الدراما، وتناقلتها الصحف، لكن الحقيقة تبقى أكبر من كل سرد، لأن ما فعله لا يُلخّص في مشهد أو مقال، بل يُحفر في وجدان أمة بأكملها.

ويُعدّ إحياء ذكرى المنسي كل عام، ليس فقط تكريمًا له، بل هو أيضًا تأكيد على أن مصر لا تنسى أبناءها المخلصين، وأن تضحيات الشهداء ليست بلا مقابل. فكل نقطة دم سُفكت دفاعًا عن الأرض، تُزهر أمنًا واستقرارًا في قلوب المصريين.

في مثل هذا اليوم، نستحضر ذكرى رجال صدقوا الوعد، ومضوا في طريق المجد بشرف. المنسي كان على رأسهم، لا لأنه وحده قاتل، بل لأنه جعل من البطولة منهج حياة، ومن الشهادة شرفًا يتمناه.

ختامًا، سيظل اسم الأسطورة أحمد المنسي محفورًا في القلوب، وسيظل صوته في اللاسلكي نداءً خالدًا لكل من يحمل حب الوطن في قلبه:

“تحيا مصر”..

وستظل مصر، بعزيمة أبنائها، وبطولات رجالها، في مأمنٍ م

ن كل خطر، وفي مجدٍ لا يزول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى