ديني

القدوة الحقيقية بين الزيف والحق

 أحمد حسني القاضي الأنصاري

في هذا الزمن الذي امتلأ بالصور الزائفة، والأسماء اللامعة، والشخصيات المصطنعة، أصبح كثير من الناس، وخصوصًا من فئة الشباب، يتخذون قدواتهم من لاعبي كرة القدم، أو الممثلين والممثلات، أو من مشاهير الغرب، الذين لا يجمعنا بهم دين ولا أخلاق ولا مبدأ. بل وصل الأمر في بعض الأحيان – والعياذ بالله – إلى الإعجاب بأشخاص يتصفون بصفات منحرفة، وسلوكيات شيطانية، لا تمتّ إلى القيم والكرامة والإنسانية بصلة.

 

لقد تغير ميزان اختيار القدوة عند كثير من الناس، فأصبح معتمدًا على الشهرة، والمال، وعدد المتابعين، والمظهر الخارجي، لا على الأخلاق والمواقف والفضائل. أصبحنا ننبهر بالمظاهر ونغفل عن الجواهر، نعجب بالممثل ونتجاهل المربي، نتابع المشهور وننسى الصادق الأمين.

 

وهنا يبرز السؤال الجوهري: من هو القدوة الحقيقية التي تستحق أن نقتدي بها ونحاكي سيرتها؟ من الذي يجمع بين كمال الخُلق، وسمو السلوك، وصدق الرسالة، وعلو المكانة؟

 

القدوة الحقيقية هو سيد الخلق، وخاتم النبيين، ورسول رب العالمين، محمد صلى الله عليه وسلم، الذي زكّاه الله تعالى في كتابه فقال: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا﴾ [الأحزاب: 21]، وقال سبحانه: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾ [القلم: 4].

 

هو الذي ربّى أمة كانت غارقة في الجهل، فصارت من أعظم الأمم، وأخرج الناس من ظلمات الشرك والضياع، إلى نور التوحيد والهداية. هو الذي علّم الرحمة، وغرس القيم، وأقام العدل، وأصلح القلوب.

 

كان صلى الله عليه وسلم أصدق الناس حديثًا، وأرحمهم قلبًا، وأوفاهم عهدًا، وأشدهم حياءً، وأكرمهم يدًا، وأعدلهم حكمًا، وأحكمهم عقلًا، وأعظمهم تواضعًا، وأصبرهم في الشدائد.

 

فهل بعد هذا الكمال البشري، نلتفت إلى غيره؟ هل نتخلى عن النبع الصافي، لنشرب من مستنقعات الكذب والخداع والسطحية؟ كيف نترك مَن أرسله الله رحمة للعالمين، ونتعلق بمن لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا؟

 

فلنراجع أنفسنا، ولنصحح بوصلتنا، ولنجعل من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نورًا لحياتنا، ومن سنته منهجًا لأخلاقنا، ومن محبته زادًا لقلوبنا.

 

اللهم اجعلنا من المقتدين بنبيك الكريم، المحيين لسنته، العاملين بهديه، واحشرنا معه في الفردوس الأعلى، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. اللهم آمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى