أحمد حسني القاضي الأنصاري
مع بزوغ فجر كلّ يوم، تنبعث في النفس روحٌ جديدة، ويجدّد القلب المؤمن ولاءه لله عزّ وجلّ، مردّدًا بيقين: “أصبحنا وأصبح الملك لله”. إنها ليست مجرّد كلمات، بل عقيدةٌ توحيدية راسخة، تُعلن خضوع الإنسان لخالقه، واعترافه المطلق بأنّ الملك كلّه لله وحده، لا شريك له في سلطانه، ولا ندّ له في أمره.
وفي عالمٍ تموج فيه الهموم، ويضطرب فيه الناس بين القلق والتشويش، يستمدّ المؤمن سكينته من الحمد والثناء على ربّه، مردّدًا قوله تعالى:
“الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا، ولم يكن له شريك في الملك.”
توحيدٌ خالص، وتنزيهٌ تامّ لله عن كل نقص، وتثبيتٌ لمعنى العبودية الخالصة، التي لا تكتمل إلا بتمام الإخلاص لله، ربّ السماوات والأرض وما بينهما.
ويكتمل هذا المقام الإيماني السامي، بكلمات الرضا واليقين:
“رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ ﷺ نبيًّا ورسولًا.”
فهو رضا لا يُولد من فراغ، بل ينبثق من قلبٍ عرف الطريق، واهتدى إلى الحق، وأدرك أنّ السعادة الحقيقية لا تكون إلا بالثبات على منهج الله، والاعتصام بدينه، والاقتداء بخاتم أنبيائه.
إنّ الله تعالى هو الربّ المتفرّد بالخلق والتدبير، والإسلام هو النور الذي أخرج البشرية من الظلمات، والنبي محمد ﷺ هو المعلّم الأوّل، والهادي إلى سواء السبيل، الذي بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
وهكذا، يُصبح فجرُ كلّ يوم فرصةً عظيمة لتجديد الإيمان، ومراجعة العهد مع الله، والانطلاق نحو يومٍ عامرٍ بالذكر والعمل الصالح، مدعومٍ بيقينٍ لا يتزعزع، ورضا لا يتبدل.
فلنجعل من كلّ صباح لحظة وقوف صادق بين يدي الله، نبدأها بالحمد والتسبيح، ونختمها برجاءٍ صادق في رحمته وتوفيقه، سائلين الله الثبات على الحقّ حتى نلقاه.
