نجده محمد رضا
في عالم يتسارع فيه كل شيء، من التكنولوجيا إلى ضغوط العمل والدراسة، أصبحت الصداقة الحقيقية عملة نادرة، لكنها في الوقت نفسه تظلّ الملاذ الآمن لكل إنسان. فالصديق الحقيقي، كما يصفه البعض، هو “العائلة التي نختارها بأنفسنا”، وهو من يشاركنا لحظات الضعف قبل الفرح، ويظلّ حاضرًا حتى حين يبتعد الجميع.
تم استطلاع آراء مجموعة من الشباب والاختصاصيين للبحث في كيفية توطيد هذه الرابطة الإنسانية، التي تشكّل حجر الأساس في بناء مجتمع متماسك.
الصداقة.. ليست مجرد معرفة عابرة
أن الصداقة لا تُقاس بعدد السنوات بقدر ما تُقاس بجودة العلاقة. “يمكن أن تتعرّف على شخص منذ أسابيع قليلة، لكنه يصبح أقرب إليك من آخر تعرفه منذ سنوات. السر يكمن في الصدق، والاحترام المتبادل، والقدرة على مشاركة الهموم والأفراح
خطوات عملية لتوطيد الصداقة
1. الاستماع والاهتمام
الإنصات لما يقوله الصديق دون مقاطعة يفتح قنوات الثقة ويجعل العلاقة أكثر عمقًا.
2. المشاركة في الأوقات المختلفة الصديق الذي يظل حاضرًا في الأزمات، ويشارك الفرح قبل الحزن، هو الأكثر قدرة على تثبيت العلاقة.
3. الوضوح والمصارحة
تجنب الغموض أو إخفاء المشاعر، فالصراحة تمنع سوء الفهم.
4. التسامح والتقدير
لا توجد علاقة خالية من الهفوات، والقدرة على مسامحة الصديق وتقدير نواياه تعزز متانة الرابط.
5. التواصل المستمر
المكالمات، الرسائل، أو لقاء قصير يمكن أن يكون له أثر كبير في إبقاء الصداقة حيّة.
شهادات من الشباب
أحمد (23 سنة) يقول: “أصدقائي هم سبب صبري على ضغوط الدراسة. نلتقي دائمًا، ونتشارك تفاصيل حياتنا، وأشعر أنهم عائلتي الحقيقية”.
بينما ترى مي (21 سنة) أن الصداقة تحتاج إلى جهد: “لو أهملت صديقتك فترة طويلة، هتحس إنها مش مهمة بالنسبة لك، والعلاقة ممكن تبرد. التواصل أهم حاجة”.
دور الصداقة في الصحة النفسية
بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن العلاقات الاجتماعية القوية تخفف من معدلات القلق والاكتئاب، وتزيد من الشعور بالرضا عن الحياة. ويشير الخبراء إلى أن الأصدقاء يشكّلون شبكة دعم طبيعية تقي الإنسان من العزلة والوحدة، خاصة في فترات الأزمات مثل فقدان العمل أو التعرض لمواقف صعبة.
إن توطيد الصداقة ليس مهمة مستحيلة، بل هو التزام أخلاقي وإنساني. الصديق الحقيقي لا يُقاس بما يقدمه من مصلحة، وإنما بقدر ما يترك في النفس من أثر وطمأنينة. وفي زمن تغلب فيه الفردية والعزلة، تبقى الصداقة جسرًا يربط بين القلوب، ويمنح الإنسان القدرة على مواجهة الحياة بشجاعة ودفء إنساني.
