د. إيمان بشير ابوكبدة
تتفاقم فصول الأزمة السياسية الفرنسية التي تعصف بالبلاد، حيث يجد الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه في موقفٍ هو الأكثر عزلةً، دافعًا باتجاه مفاوضات أخيرة مع رئيس الوزراء المستقيل سيباستيان لوكورنو لتشكيل حكومة تنهي الجمود.
وقد طلب ماكرون من لوكورنو، صاحب أقصر ولاية حكومية في عهد الجمهورية الخامسة، تحديد إطار للتحرك والاستقرار بحلول يوم الأربعاء. ويُركّز لوكورنو في مباحثاته مع حلفائه على موازنة 2026 ومصير إقليم كاليدونيا الجديدة.
على الرغم من الدعوة للقاء كافة الأحزاب السياسية، سارع كل من حزب التجمّع الوطني (يمين متطرّف) وفرنسا الأبيّة (يسار راديكالي) إلى رفضها، ومُجدّدين مطلبهما الأساسي: حل الجمعية الوطنية أو استقالة الرئيس ماكرون.
الأزمة لم تعد مقتصرة على المعارضة؛ فقد بدأ حلفاء ماكرون السابقون بالابتعاد عنه. إذ دعا رئيس الوزراء الأسبق إدوار فيليب ماكرون إلى الرحيل قبل نهاية ولايته وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، معتبرًا أن الدولة “لم تعد مضبوطة”. كما نأى بنفسه رئيس وزراء سابق آخر هو غابرييل أتال، مصرحًا: “لم أعد أفهم قراراته”.
تبدو مهمة لوكورنو لتشكيل حكومة جديدة صعبة، إن لم تكن مستحيلة، في ظل تشرذم البرلمان بين ثلاث كتل متخاصمة منذ أن جازف ماكرون بالدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة في عام 2024.
وفي خطوة أكثر اعتدالًا، أبدى وزير الداخلية المستقيل برونو روتايو استعداد حزب الجمهوريين للمشاركة في حكومة تعايش مع الماكرونية، مشترطًا عدم تمييع حزبه.
وقد أوضحت أوساط ماكرون أنه في حال نجاح المفاوضات، فإن تعيين لوكورنو رئيسًا للوزراء ليس تلقائيًا، حيث يقتصر دوره حاليًا على استنباط “سبل للتسوية”. لكن الرسالة الواضحة هي أن ماكرون “سيتحمّل مسؤولياته” إذا فشلت المحادثات مجددًا، مع تلويح قوي بإعادة حل البرلمان.
وتنعكس هذه التطورات السياسية السلبية على الأوساط الاقتصادية، حيث عبّر باتريك مارتان، رئيس أكبر نقابة لأصحاب الأعمال، عن الاستياء والقلق من حالة عدم الاستقرار.
