د.نادي شلقامي
الجمرة الخبيثة مرض معدٍ خطير تسببه بكتيريا Bacillus anthracis، وهي جرثومة شديدة السمية قادرة على البقاء في التربة لفترات طويلة على شكل أبواغ مقاومة للظروف القاسية.
ينتقل هذا المرض إلى الإنسان عادة من خلال ملامسة الحيوانات المصابة أو منتجاتها، مثل الصوف والجلود واللحوم، أو عن طريق استنشاق الأبواغ المنتشرة في الهواء، أو تناول لحوم ملوثة وغير مطهية جيدًا.
وبمجرد دخول الجرثومة إلى الجسم، تبدأ بالتكاثر وإفراز سموم قوية تؤدي إلى تدمير أنسجة الجسم وتسمم الدم، ما يجعلها من الأمراض القاتلة إذا لم تُكتشف وتُعالج مبكرًا.
ينتشر المرض بشكل أكبر في المناطق الزراعية، ولا سيما في أجزاء من منطقة الكاريبي، وجنوب غرب آسيا، وأمريكا الجنوبية، وجنوب إفريقيا.
أنواع وأسباب العدوى
تختلف خطورة الجمرة الخبيثة بحسب طريقة الإصابة، وتشمل:
الجمرة الخبيثة الجلدية: تحدث عند ملامسة الجلد المكشوف لحيوانات أو منتجات مصابة، وتُعد الشكل الأكثر شيوعًا والأقل خطورة.
الجمرة الخبيثة الاستنشاقية: أخطر الأنواع، إذ تبدأ العدوى بعد استنشاق الأبواغ، وتصل نسبة الوفيات فيها إلى نحو 80%.
الجمرة الخبيثة المعوية: تنتقل عبر تناول لحوم ملوثة، وتسبب التهابًا حادًا في الجهاز الهضمي.
جمرة الحقن: نادرة، وتحدث عند استخدام أدوات ملوثة أثناء الحقن أو التلاعب بالمخدرات.
تحدث العدوى عندما تدخل الأبواغ إلى الجسم، فتتحول إلى بكتيريا نشطة تنتج سموماً تدمر الخلايا وتؤدي إلى فشل الأعضاء الحيوية.
وقد يتعرض الإنسان للإصابة من خلال:
التعامل مع حيوانات الرعي أو منتجاتها المصابة.
استنشاق الأبواغ أثناء معالجة الصوف أو الجلود.
تناول لحوم غير مطهية جيداً.
التعرض لأسلحة بيولوجية، كما حدث في الولايات المتحدة عام 2001.
الجمرة الخبيثة كسلاح بيولوجي
وفقًا لمجلة Healthline ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، تُعد الجمرة الخبيثة أحد أكثر العوامل المرشحة للاستخدام في الهجمات البيولوجية، نظرًا لسهولة إنتاجها وانتشارها واستمرارها في البيئة لفترات طويلة.
يمكن تجهيزها على شكل مسحوق أو رذاذ غير مرئي للعين المجردة، مما يجعل اكتشافها صعبًا حتى بعد التعرض لها.
الأعراض حسب نوع العدوى
تختلف الأعراض بحسب طريقة الإصابة:
الجلدية: تبدأ ببقع حمراء تتحول إلى بثور ثم قرحة سوداء غير مؤلمة.
الاستنشاقية: تظهر الأعراض خلال أسبوع، وتشمل التهاب الحلق، والحمى، والسعال، وآلام العضلات، وضيق التنفس، والإرهاق، والقيء، وصعوبة البلع.
المعوية: تتجلى في الحمى، وفقدان الشهية، والغثيان، وآلام شديدة في المعدة، وتورم الرقبة، وإسهال دموي.
طرق التشخيص
يتم تشخيص الجمرة الخبيثة عبر مجموعة من الفحوص، منها:
تحاليل الدم.
اختبارات الجلد.
عينات البراز.
البزل الشوكي (لفحص السائل المحيط بالدماغ والحبل الشوكي).
تصوير الصدر بالأشعة السينية أو المقطعية.
التنظير الداخلي لفحص المريء والأمعاء.
تُرسل نتائج الاختبارات إلى مختبرات الصحة العامة لتأكيد التشخيص.
العلاج والوقاية
يعتمد العلاج على توقيت اكتشاف المرض:
في حالة التعرض دون ظهور الأعراض:
يُعطى المريض مضادات حيوية وقائية مع لقاح الجمرة الخبيثة.
في حالة ظهور الأعراض:
يستخدم مزيج من المضادات الحيوية القوية لمدة تتراوح بين 60 و100 يوم، إضافة إلى علاج مضاد للسموم يستهدف السموم البكتيرية مباشرة.
أما الوقاية فتتمثل في تلقي لقاح الجمرة الخبيثة، الذي طوّره الطبيب الفرنسي لويس باستور عام 1879، وهو متاح للأشخاص المعرضين للخطر، مثل العاملين في المختبرات أو القوات العسكرية.
معدلات الوفيات
تختلف نسب الوفاة باختلاف نوع العدوى:
الجلدية: تصل إلى 20% دون علاج.
المعوية: تتراوح بين 25 و75%.
الاستنشاقية: قد تبلغ 80% رغم العلاج المتأخر.
لذلك يبقى الاكتشاف المبكر والعلاج الفوري العامل الأهم في إنقاذ حياة المصابين بهذا المرض القاتل
