د/حسين السيد عطيه
هيا نسلط الضوء علي نكهات اليابان ونصطحبكم في رحلة سياحية غذائية : لأستكشاف أحد كنوز المطبخ الياباني الأصيل!
يُعرف فول الصويا منذ زمن بعيد بـ ”لحم الحقول“ لما يتمتع به من قيمة غذائية عالية وغناه بالبروتين. وعند تحويله إلى توفو، تتكوّن على سطح حليب الصويا قشرة رقيقة تُعرف باسم ”يوبا“ — إحدى الكنوز الثانوية في عملية صنع التوفو. في هذا المقال، نُلقي نظرة على هذا المكوّن الرقيق ومتعدد الاستخدامات، الذي يُعد خيارًا مثاليًا للنباتيين.
توجد نظريتان حول أصل اسم يوبا. تقول الأولى إن الكلمة مشتقة من أوبا، أي “المرأة العجوز”، في إشارة إلى المظهر المتجعد الذي يشبه تجاعيد الجلد. أما النظرية الثانية فتربط الاسم بكلمتي أؤوا وأؤها اللتين كانتا تُستخدمان قديمًا بمعنى “السطح”، إذ يُعتقد أن نطقهما تغيّر مع مرور الزمن ليصبح “يوبا”. ويُكتب اسم يوبا عادة في اليابانية برموز تعني حرفيًا “أوراق الماء الساخن”، بينما تُستخدم في بعض المناطق كتابة مختلفة تعني “أمواج الماء الساخن”، في إشارة إلى الشكل المتموّج الذي يتكوّن على سطح حليب الصويا عند تسخينه.
يوبا نكهة راسخة في مطابخ المعابد اليابانية
يُعتقد أن يوبا له جذور قديمة، ويُقال إنه وصل إلى اليابان مع انتشار البوذية، رغم أن تاريخ ذلك غير محدد بدقة. والرأي الشائع أن الراهب البوذي سايتشو، الذي سافر إلى الصين في عهد أسرة تانغ كمبعوث، هو من أدخل هذا المكوّن الغذائي إلى اليابان. وحتى اليوم، توجد أغنية للأطفال تُغنى في معبد إنرياكوجي، الذي أسّسه سايتشو على جبل هِيِئه في محافظة شيغا، وتتضمّن كلماتها: ”ماذا يأكل راهب الجبل؟ يوبا المشوي“، لتخلد هذا الإرث في ذاكرة الأجيال.
وفقًا لتعاليم البوذية، يتناول الرهبان وجبات ”شوجين ريوُري“، النباتية التي تحمل روح التقشف والنقاء. وبالمقارنة مع التوفو والأوكارا – المنتجين الآخرين من حليب الصويا – يبرز يوبا ككنز غذائي، غني بالبروتينات، عالي الدهون الصحية، ومليء بالمعادن والفيتامينات الطبيعية لفول الصويا، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في توفير الطاقة والحيوية.
خلال فترة كاماكورا (1185-1333)، ازدهر إنتاج يوبا على نطاق واسع داخل معابد الزن البوذية في كيوتو، حيث كان يُعد جزءًا أساسيًا من الحياة الروحية. ومع مرور الزمن، امتد هذا التراث إلى مناطق معابد أخرى، مثل نيكّو في محافظة توتشيغي ومينوبو في محافظة ياماناشي.
وفي الآونة الأخيرة، برز يوبا كطعام صحي يحظى باهتمام متزايد في اليابان والعالم، لاحتوائه على كميات مركزة من العناصر الغذائية لفول الصويا. وكونه نباتيًا بالكامل، يمكن للنباتيين (الفيجان) الاستمتاع به أيضًا، مما يجعله مكونًا ساحرًا مليئًا بالإمكانيات الكبيرة في عالم الطهي الصحي
