كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
لا يحتاج الإنسان إلى دراسة علم النفس ليكتشف أن الكذب مهارة عالمية يمارسها الجميع بلا استثناء… لكن المثير للدهشة أن الرجال والنساء لا يستخدمون هذه المهارة بالطريقة نفسها أبدًا.
فالرجل غالبًا يفضّل الكذب السريع، المختصر، المباشر… ذلك النوع الذي يشبه وضع لاصقة صغيرة على جرح يحتاج خياطة. بينما تُفضّل المرأة الكذب الهادئ، المنمّق، المصفوف بعناية، وكأنها تُقدّم عملاً درامياً قصيرًا فيه بداية ووسط ونهاية.
والحقيقة أن الاختلاف بين كذب الرجال وكذب النساء ليس مسألة “من يكذب أكثر”، بل “من يكذب بطريقة أكثر إبداعًا”، لأن كل جنس يمتلك أسلوبه الخاص في تغيير الحقائق، وتلطيفها، وتهريبها، وصياغتها من جديد.
كذب الرجال والنساء ليس معركة، ولا حربًا، بل كوميديا يومية مستمرة. كل طرف يظن أنه أكثر براعة وأقل خطأ، لكن الحقيقة البسيطة هي: الجميع يكذب… فقط بأسلوب مختلف.
كذب الرجال… الصراحة المُلتوية
كذبة “لا شيء… كل شيء تمام”
الرجل يستطيع أن يكون محترق الأعصاب، مُحاطًا بالكوارث الصغيرة والكبيرة، ومع ذلك يبتسم بثبات أسطوري ويقول: “لا شيء… كل شيء تمام.” وهي جملة تُقال عادةً عندما يكون لا شيء في مكانه أصلًا.
كذبة “كنت مشغولًا”
هذه الجملة صالحة لكل المناسبات:
لم يرد على رسالة؟ كان مشغولاً.
اختفى 4 ساعات؟ مشغول.
لم يتذكر أمرًا مهمًا؟ طبعًا… مشغول جدآ. إنها كلمة سحرية تُغلق التحقيق قبل أن يبدأ.
كذبة “أنا أستطيع إصلاح الأمر”
الرجل يحب أن يبدو خبيرًا في كل شيء، من إصلاح العطل الكهربائي… إلى تفسير أسرار الكون.
وبعد دقائق من المحاولات الفاشلة، ينتهي الأمر بالاستعانة بشخص يعرف فعلاً ما يفعل.
كذب النساء… الدقة الفنية
كذبة “أنا لست غاضبة”
هذه العبارة ليست لتطمين أحد، بل هي جملة مُشفّرة تعني: “أنا غاضبة جدًا… لكنني أجمع الأدلة قبل النطق بالحكم.”
كذبة “سأسأل سؤالًا بسيطًا فقط”
السؤال البسيط غالبًا يقود إلى مجموعة أسئلة متراكمة، وتحليل عميق للأحداث، واستدعاء مواقف من سنوات مضت… حتى يتساءل الرجل في النهاية: “كيف وصلنا إلى هنا؟”
كذبة “خذ راحتك”
جملة تبدو لطيفة وبريئة، لكنها مُحمّلة بجدول زمني، وقواعد غير مكتوبة، وشروط لم تُذكر علنًا.
“خذ راحتك” = افعل ما تشاء… لكن بحساب دقيق.
الفرق في الأسلوب
الرجل: كذب مختصر
الرجل يكذب كما يرسل رسالة نصية قصيرة:
جملة واحدة
دون تفاصيل
دون مقدمات
دون حبكة
ومع ذلك يعتقد أنه نجح في إخفاء الحقيقة كعميل سري محترف.
المرأة: كذب مُتقن ومفصّل
المرأة تكتب النص كاملاً:
مقدمة، توضيحات، أحداث جانبية، أدلة إضافية… حتى تبدو الكذبة أكثر ترتيبًا من الحقيقة نفسها.
إنها كذبة ذات ديكور كامل!
من يكذب أكثر؟
لا توجد معادلة دقيقة، لكن النسخة الساخرة من الحقيقة تقول:
الرجل يكذب ليهرب.
المرأة تكذب لتفهم.
الرجل يخفي ما لا يريد مواجهته، والمرأة تختبر صحة ما تعرفه مسبقًا.
