دارين محمود
في مثل هذا اليوم من عام 1912 (بعض المصادر تذكر 7 ديسمبر شهدت منطقة تل العمارنة بمحافظة المنيا في صعيد مصر واحداً من أهم الاكتشافات الأثرية في التاريخ: العثور على تمثال الملكة نفرتيتي النصفي.
نفرتيتي، التي يعني اسمها “الجميلة أتت”، كانت الزوجة الرئيسية للفرعون إخناتون (الذي حكم بين 1353 و 1336 ق.م تقريباً)، وعاشت في فترة ثورة دينية حيث حاول إخناتون تحويل الديانة المصرية إلى عبادة الإله الواحد آتون (قرص الشمس).
كواليس الاكتشاف العظيم
المكان: تم العثور على التمثال داخل ورشة النحات الملكي تحتمس في مدينة “أخيتاتون” القديمة (تل العمارنة حاليًا)، وهي العاصمة التي بناها إخناتون لعبادة آتون.
المكتشف: فريق تنقيب ألماني بقيادة عالم المصريات لودفيج بورشاردت.
وصف التمثال: التمثال مصنوع من قلب حجري من الجير مغطى بطبقات من الجص الملون بدقة مذهلة، يبلغ ارتفاعه 48 سم، ويجسد الملكة في أبهى صور الجمال والكمال الفني، مرتديةً تاجها الأزرق الشهير. وصفه بورشاردت في مذكراته بأنه “أفضل عمل فني مصري باقٍ”.
خروج التمثال من مصر: الجدل المستمر
قصة خروج التمثال من مصر لا تقل إثارة عن الاكتشاف نفسه، وما زالت محل جدل ونزاع حتى اليوم:
قانون القسمة: في ذلك الوقت، كان القانون يسمح بتقسيم المكتشفات الأثرية بين البعثة الأجنبية والسلطات المصرية بنسبة 50% لكل طرف.
التهريب المشتبه به: تشير وثائق وشهادات إلى أن بورشاردت أخفى القيمة الحقيقية للتمثال أثناء عملية القسمة التي جرت في يناير 1913. فقد عرض صورة سيئة الإضاءة للتمثال ووصفه في المحضر بأنه مجرد تمثال جبسي ذو قيمة فنية منخفضة، مخالفًا بذلك القانون الذي كان يسمح بخروج القطع المصنوعة من الجبس فقط.
الرحيل إلى برلين: نُقل التمثال سراً إلى ألمانيا في عام 1913، وظل مخفياً حتى تم عرضه للجمهور لأول مرة في متحف برلين عام 1924، مما أثار ضجة عالمية ومطالبات مصرية فورية باستعادته.
يقف تمثال نفرتيتي اليوم كأيقونة في متحف برلين الجديد (Neues Museum)، ويُعد رمزاً عالمياً للجمال المصري القديم، ولكنه في الوقت نفسه، يبقى شاهداً على أساليب التهريب الأثري في أوائل القرن العشرين ومحوراً لمطالبات مصرية مستمرة بعودته إلى موطنه الأصلي.
