نهاد عادل
«يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان»… عبارة تختصر حجم الضغط النفسي والاجتماعي الذي يعيشه الطلاب مع اقتراب موسم الامتحانات، وهي فترة لا تقتصر آثارها على الطلبة فقط، بل تمتد إلى داخل البيوت، لتعلن حالة طوارئ أسرية ومجتمعية، تتصاعد خلالها مشاعر القلق والترقب، بين أمل في نجاح يرفع الرؤوس، وخوف من تعثر يثقل القلوب.
في كل بيت مصري تقريبًا، تتبدل الأجواء مع اقتراب الامتحانات؛ يزداد التوتر، تتكاثر النصائح، وتتسارع دقات القلوب، وكأن الأسرة بأكملها تدخل قاعة الامتحان مع الطالب. وفي كثير من الأحيان، قد يتحول الدعم الزائد إلى ضغط، والنصيحة المتكررة إلى عبء نفسي، والتشجيع المبالغ فيه إلى مصدر قلق، بينما الحقيقة أن هذه المرحلة تحتاج قبل كل شيء إلى وعي أسري واحتواء حقيقي للمشاعر.
الامتحانات لا تقيس فقط مستوى التحصيل العلمي، بل تكشف أيضًا عن قوة الدعم النفسي الذي يتلقاه الطالب من أسرته، وقدرته على مواجهة الضغوط بهدوء واتزان. فدور الأسرة لا يقتصر على التذكير بالمذاكرة، بل يمتد إلى خلق بيئة آمنة ومطمئنة، تحقق توازنًا صحيًا بين الجهد الذهني والحالة النفسية.
ويعمد كثير من الطلاب خلال فترة الامتحانات إلى التخلي عن النوم والترفيه، والعمل لساعات طويلة ليلًا ونهارًا، وهو ما يحذر منه الخبراء، مؤكدين أن النوم عنصر أساسي لزيادة التركيز والاستيعاب، وأن الحرمان منه قد يأتي بنتائج عكسية. ورغم تطور أساليب التقييم الدراسي والاعتماد على التقييم المستمر بدلًا من الامتحان النهائي فقط، إلا أن الضغط ما زال حاضرًا بقوة، مدفوعًا برغبة الطلاب في تحقيق أفضل النتائج وإنهاء العام الدراسي بنجاح.
ويؤكد مختصون في الصحة النفسية أن فترة الامتحانات تُعد من أكثر المراحل حساسية في حياة الطالب، حيث تتقاطع مشاعر الطموح مع القلق، ويتضاعف الجهد المبذول، ما يستدعي وعيًا أكبر بكيفية إدارة الوقت والضغط، حتى لا تنعكس هذه المرحلة سلبًا على الصحة النفسية والجسدية.
ويشير الخبراء إلى أن أول خطوة لتخفيف التوتر داخل المنزل هي التحلي بالهدوء، فالأبناء يلتقطون مشاعر أسرهم بسرعة، وإذا كان الجو الأسري مشحونًا، انتقل القلق إليهم مباشرة. لذا يُنصح بتوفير بيئة هادئة، خالية من التعليقات السلبية والمقارنات، والابتعاد عن التهديد أو الضغط المرتبط بالدرجات.
كما يجب أن يكون الدعم عمليًا لا نظريًا فقط، من خلال تنظيم جدول مناسب للمذاكرة، وتوفير مكان هادئ بعيد عن المشتتات، والحرص على النوم الجيد والتغذية السليمة، فالعقل والجسد يعملان معًا، وكلما شعر الطالب بالراحة البدنية، زادت قدرته على التركيز.
ويُعد الحوار من أهم أدوات الدعم النفسي خلال هذه المرحلة؛ فالاستماع إلى الأبناء دون مقاطعة، والسماح لهم بالتعبير عن مخاوفهم حتى وإن كانت سلبية، يخفف عنهم الكثير من الضغط. وليس من الضروري تقديم الحلول دائمًا، فمجرد الشعور بالتفهم والاحتواء يمنح الطالب إحساسًا بالأمان.
وتبقى الثقة هي الرسالة الأهم التي يجب أن ترسلها الأسرة، عبر عبارات داعمة مثل: «نحن نثق بك»، «ابذل ما في وسعك والباقي على الله»، «النجاح لا يُقاس بالدرجات فقط». فمثل هذه الكلمات البسيطة تترك أثرًا نفسيًا عميقًا، وتعزز الثقة بالنفس، وتساعد الطلاب على عبور موسم الامتحانات بأقل قدر من التوتر.
كيف تتحول البيوت إلى قاعات اختبار؟
299
