منوعات

الأمثال الشعبية بين الحكمة والتطوير: تأثيرها النفسي وإعادة صياغتها.

بقلم/ سالى جابر

الأمثال الشعبية ليست مجرد عبارات متداولة، بل تلعب دورًا نفسيًا عميقًا في تشكيل الوعي الجمعي، والتأثير على السلوكيات، وتوجيه القرارات. يمكن تلخيص دورها النفسي في النقاط التالية:

1. تعزيز الهوية والانتماء:

تمنح الأمثال الفرد شعورًا بالانتماء لمجتمعه وثقافته، إذ إنها تعكس القيم والعادات المتوارثة.

عندما يستخدم الشخص مثلًا شعبيًا، فإنه يعبر عن ارتباطه بجذوره الثقافية ويشعر بأنه جزء من منظومة اجتماعية تتشارك نفس المبادئ والتجارب.

2. توفير الإرشاد والتوجيه:

الأمثال تُستخدم كأدوات توجيهية تعكس الحكمة المستمدة من تجارب الأجيال السابقة، مما يساعد الأفراد على اتخاذ القرارات الصحيحة وتجنب الأخطاء. على سبيل المثال، المثل “التكرار يعلّم الشطار” يعزز أهمية التكرار والممارسة في تحقيق النجاح.

3. تخفيف التوتر والتكيف مع الضغوط:

في مواجهة المواقف الصعبة، توفر الأمثال نوعًا من الطمأنينة والتقبل للواقع، مثل المثل المصري “اللي مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين”، الذي يعزز الإيمان بالقدر ويساعد في تخفيف القلق بشأن الأمور الخارجة عن السيطرة.

4. التأثير على السلوك الاجتماعي:

تعمل بعض الأمثال على ضبط سلوك الأفراد وفقًا للقيم الاجتماعية، فتشجع على الفضائل وتحذر من الرذائل. مثلًا، المثل “الصدق منجاة” يعزز قيمة الصدق، بينما “من جاور السعيد يسعد” يحث على اختيار الصحبة الجيدة.

5. تسهيل التواصل والتعبير عن المشاعر:

تستخدم الأمثال كوسيلة لتوصيل المشاعر والأفكار بأسلوب موجز ومعبر، مما يسهل التواصل بين الناس. فعندما يريد شخص أن يعبر عن صبره على الشدائد، قد يقول: “الصبر مفتاح الفرج”، مما يجعل الرسالة أكثر وضوحًا وتأثيرًا.

6. دعم التوقعات والعقلانية:

بعض الأمثال تساعد على ضبط التوقعات والتعامل مع الواقع بحكمة، مثل “لا تطلب العنب من الشوك”، الذي يذكّر بضرورة الواقعية في التوقعات وعدم انتظار نتائج غير منطقية.

7. تعزيز التفكير النقدي والتحليلي:

رغم أن الأمثال توفر حلولًا مختصرة، إلا أنها تدفع الأفراد للتأمل في معناها وتطبيقها وفقًا للموقف، مما يعزز التفكير النقدي والقدرة على التحليل.

الأمثال الشعبية ليست مجرد كلمات متداولة، بل هي انعكاس للعقل الجمعي والخبرة الإنسانية، تؤثر على سلوكيات الأفراد، توجه قراراتهم، وتمنحهم أدوات نفسية للتعامل مع الحياة بحكمة ومرونة.

لكن ليست دائمًا لها صفة إيجابية؛ بل في بعض الأحيان تعمل على خضوع الأفراد لها والاستجابة لها بصورة سلبية التبرير.

مثال على ذلك: العين. “متعلاش على الحاجب” مثال واضح وصريح يدل على سلبية الشخص، ” امشي سنة ولا تخطي قنا” يدل على سلبية الشخص في مواجهة المواقف.

” إن كان لك حاجة عند الكلب، قوله يا سيدي” يدل على عدم احترام الذات والخضوع.

وتلك الأمثال نتوارثها من الأجيال السابقة وتؤثر على حياتنا، ومنها ما يؤثر على الأسرة نفسها داخل البيت الواحد مثل:

” ضل راجل ولا ضل حيطة” تدعو للزواج من اي رجل .

” قاعدة الخزانة ولا جوازة الندامة” دعوة للترويج والتفكير قبل قبول الزواج.

فليست كل الأمثال إيجابية، وليس بعضها سلبي، إنما علينا التفكير فيها قبل استخدامها، وقبل تأثيرها على حياتنا .

– يمكننا إعادة صياغة الأمثال حتى تتناسب مع العصر الحالي، تحافظ على جوهر الحكمة، لكنها تعكس تطور الفكر والمجتمع.

1. “ضل راجل ولا ضل حيطة” → “ضل شريك حياة داعم، ولا ظل علاقة تهدمك” لأن الزواج ليس مجرد وجود رجل، بل شراكة قائمة على الاحترام والدعم.

2. “امشي سنة ولا تخطي قنا” → “التأني مطلوب، لكن الجرأة الحكيمة تصنع الفرق” فالحذر مهم، لكن المبالغة فيه قد تعيق التقدم.

3. “إن كان لك حاجة عند الكلب، قوله يا سيدي” → “اطلب حاجتك بذكاء، دون أن تتنازل عن كرامتك”

لا مانع من الدبلوماسية، لكن مع الحفاظ على الكرامة.

4. “اللي مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين” → “قدرك بيدك، فاسعَ لما تريد”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى