مقالات

رقابة ولكن

بقلم: فادية الريس

عندما تجد نفسك مسؤولًا بإرادتك أو رغمًا عنك، سواء في أسرتك أو عملك أو بلدك، فلا تترك الأمور تسير بلا متابعة. إن إهمال الرقابة يفتح المجال لضعاف النفوس لإفساد مهامك والاستيلاء على ما لا يحق لهم، كما يمنح الفرصة للسلب والنهب، مما يؤدي إلى ضياع من وُلّيت أمرهم.

تُعد ظاهرة اختفاء الفتيات الصغيرات أمرًا يثير القلق، ويجعل الفكر يشرد إلى أسوأ الاحتمالات: هل هو خطف بهدف طلب فدية؟ أم تجارة أعضاء؟ أول ما يتبادر إلى الذهن هو هذه السيناريوهات المروعة، لكن نادرًا ما نفكر في السبب الجذري، وهو غياب الرقابة الفعالة تحت ستار الثقة المطلقة، مما يحمّل المجتمع والجهات الأمنية أعباءً إضافية ويزيد من المخاوف. وعند العثور على الفتيات بعد فترة، يتضح أن المشكلة لم تكن سوى غياب المتابعة، وليس مجرد تشديد الرقابة والضغط، بل غياب التوجيه والتواصل الأسري الصحيح.

إن عودة الأم إلى دورها الأساسي في متابعة ابنتها، وعدم الانشغال عنها، بات أمرًا ضروريًا في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها العميق على فكر الفتيات، خاصة في هذه المرحلة العمرية التي يميلن فيها إلى التقليد، سواء لصديقاتهن أو لما يشاهدنه في المسلسلات والأفلام. للأسف، فقدت هذه الأعمال الدرامية رقابتها الأخلاقية، وأصبحت تروج لأفكار بعيدة عن القيم المجتمعية، متجاهلة دورها في الإصلاح والمساهمة في بناء الأجيال.

لذا، عليكِ كأم أن تعودي إلى مصادقة ابنتك، مع توفير مساحة آمنة لها للتعبير عن نفسها دون خوف. لا تواجهي فضفضتها بالرفض أو الغضب، حتى لا تخسري ثقتها، فتبحث عن ملاذ آخر غيرك. استمعي إليها جيدًا، وحاولي فهم دوافع الأشخاص الذين تتعامل معهم، ثم وجّهيها بإقناع وحكمة، لا بتسلط وتعنيف. عندها، ستكون قادرة على اتخاذ قرارات صائبة، والتعلم من أخطائها، مما يساعدها على تجنب سلبيات وسائل التواصل الحديثة، ويعزز دور الرقابة الفكرية المبنية على التفاهم والتواصل الرحيم بين الأم وأبنائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى