ذاكرة القلب لا تُمحى بالتقادم

بقلم – رانيا ضيف
هل هناك إنسان لا يتأمل رحلته من وقت لآخر، لا يفتش في زوايا عقله عن أحداث ألقيت بعيدا في ذلك المكان القصي ونسيت لفترات طويلة.
من منا لا يراقب قلبه ويتحسس مواضع الألم برفق
ليعلم هل برأت أم تركت ندبة موجعة عند اللمس!
لا أحد ينسى أول حب تلك اللمعة في العيون ورعشة اليدين وضربات القلب المضطربة!
قد ننسى القصة مع مرور الزمن لكن يظل الإحساس مطبوعا في ذاكرة القلب!
مثله مثل الخذلان وشعورك بأنك منزوع الأمان
عارٍ من الطمأنينة تتلفت في الطريق وكأن هناك من يتربص بك!
قد ننسى الأشخاص لكن لن ينسى القلب أبدا ذلك الشعور الذي أصابه كطلقة نارية صوّبت إليه من أكثر الناس قربا!
لا نعود بعد تلك الأحداث كما كنا أبدا.
مهما ادعينا القوة سنظل نتلفت في الطريق مخافة سهما آخر يأتينا على غفلة!
لن ننام ملء عيوننا بل ستظل عينا مفتوحة مخافة غدر آخر!
نقيم للثقة صوان عزاء كبير بعد أن شيعناها لمثواها الأخير فمن يقترب منا بعدها سيبذل الكثير من الجهد حتى يمنحه عقلنا تذكرة مرور بعد رحلة اختبارات مريرة !
نودع ذلك الهدوء الذي سكننا حد الملل بعد أن احتلنا الصخب وتمكن منا.
كما لا ننسى لهفة أحدهم لنجدتنا
قبلة الحياة التي أسعفتنا ونحن على مشارف الموت فانتزعتنا منه وردت فينا الروح!
من ظلوا بجوارنا يداووا جراحنا الغائرة بإصرار حثيث حتى وقعوا على بطاقة شفائنا.
من جلس يجفف دموعنا فلما فشل بكى معنا.
لن ننسى من كان للقلب ملاذا وللنفس أمانا وللروح توأما.
“ما أقسى الحياة عندما تسرق منا أغلى ما نملك، ولكن ما أعذبها عندما تهبنا من يلمس جراحنا بحنان.” جبران خليل جبران
نراقب تلك الأحداث وما تغيره فينا .
ذلك النضج الذي تغذى على براءتنا وقيد الطفل داخلنا كما نقح مشاعرنا !
ذاكرة القلب لا تنسى ولا تغفر ولا تسقط قضاياها بالتقادم!
“إننا لا ننسى، نحن فقط نتظاهر بالنسيان، كي نكمل الحياة.” غسان كنفاني.