مذكرات مريض نفسي.. سجين فكرة

بقلم/ سالي جابر
الساعة: 3:12 فجرًا
القمر ناقص النور
هكذا أوجدتني الحياة داخل غلافٍ زجاجي.
خارجُه حياةٌ بائسة، مكفهّرة، شمسها تذيب جليد الأفق، وتنحدر بي إلى دياجير الروح.
أما باطنه، ففيه عذاب لا يُمحى،
ولا تزيله قطرات الحب،
ولا يهدّئه رجاء.
هي فكرة، لكن مطّاطية.
تدور معك في كل اتجاه، كأنها تلبس الريح وتتبختر خلفك، سواء كنت داخل الزجاج أو خارجه.
لا غلاف لها، لا سماء، لا مأوى.
هي غيمة تتبعك أينما ذهبت،
تضرب أنفاسك، وتعلو على شهقات الجميع.
تريد أن تلفظها من رئتيك كدخان سجائرك،
لكن لا صوت.
تصرخ… فلا يسمعك أحد.
تدب قدميك… يرتفع نحيبك…
لكن لا صوت.
لا صوت،
لا أمل.
الكلمات متعثرة.
والفكرة؟
تسبح في فضاءٍ من كلمات مكسورة،
تنتج أفكارًا أخرى… صغيرة… سامة،
تتلوّن بلون السحابة السوداء.
هي ليست سحابة،
بل ستارٌ خلفي ممزوج بالأنين.
ثم، تختفي كأخطبوط استشعر الخطر فأفرغ حبْره،
كحرباء أوقفها التأمل فكادت تُلتهم،
كأفعى، وأنتَ وحدك في صحراء.
والعبور الوحيد إلى النجاة…
بحيرة ضحلة.
لكن على ضفافها صخور تشبه تماسيح نائمة.
الكل متخفٍّ.
الكل مستتر.
وأنت فقط…
تفضحك فكرة.
يميتك الخوف،
يرعبك الأنين،
تستيقظ من كابوس لا ينتهي،
كابوس يترك الشجن يتساقط من جدران غرفتك.
تريد أن تولول،
أن تفتح فمك فتسقط الكلمات من جوفك.
لكنك تصمت.
وتُكمل تلك المسيرة…
المسيرة التي تختفي مع اكتمال القمر.
ترتقب السماء…
تنظر إليها بعدسات مختلفة،
تارة عبر مرآة محدّبة،
وتارة مقعّرة.
وأخيرًا،
تفكر في أن تجمع كل أفكارك
وتحرقها بعدسة مجمّعة للشمس.
لكن شمس الظهيرة اختفت.
وتسأل نفسك:
هل هو حظ؟
أم قدر؟
أم غباء؟