السودان بين نيران الحرب وأشباح الكوليرا.. ملايين تحت الحصار الإنساني!

كتبت: مها سمير
يرزح السودان تحت وطأة أزمة إنسانية شاملة تتفاقم يومًا بعد يوم، مع استمرار الحرب الأهلية التي اندلعت في أبريل 2023، والتي باتت تهدد حياة الملايين ليس فقط بالرصاص، بل بالجوع والوباء أيضًا. تتداخل خطوط النار مع خطوط المجاعة، وتغيب الدولة عن مشهد يوشك أن يتحول إلى كارثة منسية.
أعلنت وزارة الصحة السودانية عن تسجيل أكثر من 1375 حالة كوليرا مؤكدة، وسط تصاعد معدلات الإصابة في مناطق مثل الخرطوم وأم درمان.
بينما تتحدث تقارير اليونيسف عن ما يزيد على 7700 حالة إصابة و185 وفاة مؤكدة، بينها أطفال لم يبلغوا الخامسة. الكوليرا ليست وحدها، بل تفشت أمراض غامضة في جنوب الخرطوم، وسط مخاوف من تلوث بيئي وكيميائي، وانقطاع كامل تقريبًا في مياه الشرب النظيفة.
فيما يتجاوز 70% من السودانيين عتبة الجوع، بحسب تقارير الأمم المتحدة، تتحول الأسواق إلى كوابيس يومية للمواطنين. أسعار الغذاء تقفز بلا توقف، بينما تخرج أكثر من 70% من المستشفيات عن الخدمة، ما يجعل الحصول على العلاج حلمًا بعيد المنال. وتشير تقارير إلى أن 26 مليون سوداني أصبحوا يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والرعاية الصحية.
منذ بداية النزاع، نزح نحو 13 مليون شخص داخليًا وخارجيًا، وفق تقارير أممية. العائدون إلى مناطقهم، خاصة في الخرطوم، اصطدموا بواقع مرير: منازل مهدمة، وشوارع غارقة في الأنقاض، وانهيار كامل في البنية التحتية، من كهرباء إلى مياه وصرف صحي. أما في مدينة أم درمان، فباتت حمولة المياه الواحدة تُباع بثلاثة أضعاف الراتب الشهري لعامل بسيط، ما يفتح الباب على مصراعيه لأزمات صحية قاتلة.
في إقليم كردفان، تستعر المعارك بضراوة، بينما تعاني ولايات الشرق والشمال من انعدام شبه تام للغذاء والخدمات الطبية. الوضع لا يختلف كثيرًا في الغرب، حيث تتضاعف أعداد المرضى وسط عجز المستشفيات ومراكز الإغاثة، ما دفع منظمات طبية وإنسانية لإطلاق نداءات استغاثة عاجلة.
في بيان حديث، حذّرت منظمة اليونيسف من “تدهور خطير” في الوضع الصحي، مع تفاقم النزوح وانتشار الأوبئة. ودعت الأمم المتحدة إلى تدخل دولي فوري لوقف ما وصفته بـ”الانهيار التام” في السودان، وإنقاذ الملايين من براثن الجوع والمرض.