الأدب

حقيبة المرأة المفقودة (قصة قصيرة)

كتبت- سعاد الورفلي 

تركتها على الطاولة، واتجهت نحو النادل كأنها تستأذنه لشيء ما ..هز رأسه ومضت نحو دهاليز المكان .
ظلت الحقيبة ليلة كاملة .. وظن أصحاب المكان أن إحدى النساء قد نسيت حقيبتها…. أخذها أحد الموظفين إلى صناديق الأمانات، لكنه وجدها مقفلة ولم يجد مكانا فارغا يضعها فيه ويتخلص من تبعتها، قال له زميله: خذها معك إلى غرفتك وفي الصباح أحضرها؛ حتى لا تتعرض للسرقة أو ما شابه من قبل أحد الزبائن المزعجين .
هز الرجل رأسه موافقا، ووضعها في كيس ورقي ومضى نحو السلم صعودا لحجرته… أطفئت الأنوار ، واستسلم الجميع للنوم، تقلب الرجل في سريره، قال في نفسه على الرغم من التعب والإرهاق، إلا أنني لم استطع النوم جيدا، اتكأ على يمينه محاولا البحث عن شبكة ما في هاتفه الصغير دون جدوى، تثاءب مرارا وكاد أن يباغثه النعاس، شعر بخشخشة ما على ورق أو ما شابه، نهض قلقا متأففا ، الحشرات لا تكف عن إزعاجنا.. فجأة انقطع الضوء، أصبح المكان مظلما، توتر الرجل فهو يعاني من رهاب الظلام، جمد في سريره، بصيص ضوء يأتي من جهة الحقيبة الملقاة على الطاولة، ظن الرجل أنه ضوء الهاتف، عادت الأضواء فجأة. لكن الحقيبة اختفت، هرع الرجل بحثا عنها، فتح النافذة وإذ بأحدهم يدفعه للسقوط، ترنح قليلا لولا أنه أسند ظهره للزاوية لوقع من الطابق الثالث على رأسه، أقفل الشباك واتجه نحو الباب إذ برجل ضخم يدفعه على السرير، كان يشبه مصارعي الحلبات، واختفى في لحظة، لم يصدق ما الذي يحدث، شعر بألم في يده رفعها متالما، وإذ بالحقيبة السوداء على سريره يظهر منها منديل قديم ورسالة كتبت بخط واضح، اذهب إلى نهاية الشارع وسلم الحقيبة للمرأة الميتة.. شعر برعب ونبضات قلبه ازدادت وتيرتها، أخذ الحقيبة وألقاها من الطابق الثالث ليتأكد أنها وقعت في مجرى ما عبر الشارع الشمالي .. تنهد بعد عناء أقفل الشباك .. وعاد لسريره ليستسلم للموت بعدما لاقى من أهوال ..
أشرقت شمس الصباح اليوم التالي، تحرك متحسسا عينيه ورأسه، نظر نحو السقف .. اعتدل جالسا .. قال في نفسه: كان كابوسا .. ما عانيته البارحة أبدا لم يكن حقيقة .. حين هم بالقيام فوجئ بالحقيبة السوداء تقبع على سريره.. انتفض، نادى على زملائه.. تجمعوا حوله ، لم يستطع شرح شيء سوى الإشارة نحو الحقيبة.. لم يفهم أحدهم ماذا يريد، فقد أصيب الرجل بالخرس ، وأعفي من عمله … بينما تناسى الجميع قصة الحقيبة المنسية… بعد سنوات جاءت طفلة للنادل نفسِه تسأله عن حقيبة سيدة سوداء كانت على تلك الطاولة .. تذكر الرجل القصة .. ترك سفرة الطعام على المنضدة، هرع نحو غرفة زميله .. لم يجد الحقيبة .. بينما كانت نظارة نسائية ملقاة على السرير ذاته.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى