البيت رقم 17 حين يسكنك المكان… قبل أن تفتحه

بقلم: السيد عيد
شريف، موظف بسيط مرهق من الحياة، يشتري شقة قديمة في الدور الثالث من منزل مهجور يحمل الرقم 17. البناية حزينة، والجدران تتنفس عزلةً تقطر رعبًا، لكنها كانت رخيصة… ومفتوحة الأبواب.
منذ أول ليلة، يبدأ البيت في كشف وجهه الحقيقي:
أصوات في الظلام، كلمات تظهر على زجاج النافذة، أشياء تختفي وتعود في أكياس سوداء.
يبدأ الجدار في العدّ عليه بخربشات، وتطبع الأقدام المبللة طريقها نحو سريره.
ثم تبدأ الرائحة… ثم التجاويف في الحائط…
ثم الجلوس البارد على طرف المرتبة، والهمسات المجهولة، والوجه الذي لا ملامح له.
وفي اليوم العاشر… تختفي الشرفة، وتكتب الجدران رسائلها من الداخل للخارج.
ثم يختفي شريف.
كأن الشقة ابتلعته.
ويُعثر فقط على دفتر صغير، مكتوب فيه:
“البيت مش بيت…
ده مخلوق، بيعيش من جواك.
واللي يدخله… بيتنفّس منه، شوية شوية.”
بعد سنوات من اختفاء “شريف”، يقرر الصحفي “أكرم ” التحقيق في سر الشقة رقم 6 في بيت رقم 17 بشارع النزهة القديمة.
البناية لا تزال قائمة، تمامًا كما وصفها شريف.
بوابة عجوز تحذره:
“الشقة مش فاضية… هي اللي بتدور على ناس.”
يدخل أكرم ليجد الشقة مرتبة بشكل مريب، وعلى السرير دفتر مفتوح كتب فيه شريف:
“أنا ما نمتش… أنا اتسحبت.”
ثم تبدأ الكوابيس تتجسد:
المرآة تتحرك، الباب لا يُفتح، الأصوات تعود، والطرقات تقترب.
وفي لحظة مرعبة، يخرج شبح نصفه ملامح ونصفه ظلال من الجدار ليهمس:
“هو ساب الباب مفتوح ليك… عشان تخرج.”
فقد أكرم وعيه، ليجد نفسه في اليوم التالي على الرصيف، خارج البيت، لا يتذكر كيف خرج…
لكن في جيبه مفتاح يأكله الصدأ وعليه رقم 6.
منذ تلك الليلة، لم يفارقه صوت الطرق على الجدار…
حتى في بيته الجديد.