د.نادي شلقامي
كنت دائما وعند كل يوم خميس ومنذ آواخر الثمانينات عندما أرجع من دراستي في جامعة أسيوط…كل أسبوعين أوثلاثة أسابيع حسب ظروف الدراسة والإمتخانات ….وبمجرد أن أصل إلي منزلنا في القرية الريفية المتواجدة في أحد أطراف محافظة المنيا..أستريح قليلا من تعب السفر وألبس ملابسي العادية الريفية وأذهب إلي والدي في الحقل.
وفي أثناء ذهابي إلي والدي أسلم علي أقاربي الذين أقابلهم أو أصدقائي أو جيراننا..وفي الطريق إلي الحقل أري الخضرة في الحقول ورائحة مزارع العنب عند أهل القرية ورائحة النعناع والخضار والمياه التي ترجع في الترعة …تشرح الصدور وتريح النفس..وتعطي طاقة إيجابية إلي أن أعود لها في الزيارة القادمة.
وبمجرد وصولي للحقل عند والدي..كما كانت فرحة أبي بقدومي إليه وسعادته التي أتذكرها الآن أمام عيني وأن أكتب هذه الخواطر..فيحضنني…وأبوس يديه وأحضنه وكأن الدنيا حيزت لي..فأجده يخرج من جيب الصديري (نبق وتمر) ويقول لي أنا جمعتهم لك علشان عارف إنك هاتيجي اليوم…كم كنت عظيما يا أبي رحمة الله عليك.
وأثناء جلوسي مع والدي يأتون الجيران(جيران الحقل) منهم من يأتي بالقصب ومنهم من بأتي بالعنب وكل هذا مجاملة لوالدي الذي كان لا يتواني أن يساعد الصغير قبل الكبير في ري أرضه أو جمع محصوله بدون مقابل بل ويقول دائما (الجار للجار)..وجدت حبا وتقديرا وإحتراما من جيران أبي في الحقل لم ولن أجده أبدا في حياتي بعد وفاة والدي رحمة الله عليه.
كم كنت عظيما وسخيا وكريما وشجاعة وجسورا ومحبا للخلائق جميعا…رحمة الله عليك يا أبي.