مقالات

ارحموا أوجاعهم

فادية الريس

اليوم، أثناء وجودي في مكتب البريد، لفت انتباه الحاضرين تواجدي، فبدأ بعض أرباب المعاشات، أساتذتنا السابقين، بالتعبير عن استيائهم، واندلع حديث مؤلم مزّق قلبي.قال أحدهم بأسى:

“أيرضيكِ، أستاذة، أن نخرج بهذه الفتات التي لا تلبي أساسيات الحياة؟ العلاج في هيئة التأمين الصحي الشامل أصبح كارثة، فالأدوية تُستبدل ببدائل تؤذينا، واللجوء إلى الأطباء الخاصين بات عبئًا لا نتحمله.”وتابع آخر:“لدينا مستحقات لدى الرعاية الاجتماعية بقيمة 300 جنيه، رغم أننا نملك فيزا بنكية تُصرف منها المعاشات، لكنهم يُصرّون على صرفها ببطاقة بريدية خاصة، مما يضطرنا لاستلام 100 جنيه فقط! هل هذا منطقي؟”وقال ثالث بحزن شديد:

“اللواء محافظ بورسعيد منح الموظفين ألف جنيه مكافأة في رمضان، ونحن الذين أفنينا أعمارنا في العمل، صرنا عاجزين عن تلبية احتياجاتنا. لم نعد قادرين على العمل في هذا العمر، وتأبى أنفسنا أن نمدّ أيدينا، لكننا بحق الأحوج إلى الرحمة!”جلست بجانبي سيدة مسنة تئنّ من معاناة لا تنتهي، تتحدث عن أوراق وإجراءات معقدة تتطلب مراجعة جهات عدة. وأخرى، أرملة منذ ثلاث سنوات، تكافح للحصول على معاش مستحق من زوجها الراحل، لكنهم يردون بضياع أكواده في تأمينات “اللنش”، فيما تعجز تأمينات الهيئة العامة عن إنهاء إجراءاتها دون هذه الأكواد، لتظل طوال عامين تدور في دوامة البيروقراطية بلا حل.رفقًا بمن أفنوا أعمارهم في خدمة مجالاتهم، لتكون هذه نهايتهم دون تقدير أو احترام.“ليس منا من لم يوقر كبيرنا، فكيف صار حالهم بيننا مهانين؟!”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى