كتب / محمد غريب الشهاوي
تُستخدم كلمة “مريض” كثيرًا في حياتنا اليومية، غير أن معناها يختلف باختلاف الموقف والسياق.
في المستشفى، “المريض” هو ذلك الإنسان الذي يُصارع وجعه الجسدي، يحتاج إلى علاج، واهتمام، ودعاء صادق بالشفاء.
أما في الشارع، أو في أحاديث الناس، فإن الكلمة تأخذ منحى آخر تمامًا، وتتحول إلى وصفٍ لإنسان تصرّفاته خارجة عن المألوف أو مليئة بالحقد والتفاهة، فيُقال عنه: “مريض نفسي” أو “مريض في ضميره”.
فاللغة العربية غنية، والكلمة فيها لا تكتفي بوصف الحال، بل تكشف أحيانًا عمق الباطن.
فالمريض الجسدي يحتاج إلى دواء،
أما المريض النفسي أو الأخلاقي، فيحتاج إلى وعي، وتربية، وضميرٍ يقظ.
المشكلة أننا بتنا نرى في حياتنا اليومية أناسًا يسيرون على أقدامهم، يضحكون ويتحدثون، لكن داخلهم مرض أخطر من أي ألم عضوي.
أُناس يؤذون غيرهم، ويظلمون، ويفتَرون، وكأن المرض ليس في الجسد، بل في القلب والعقل.
“مريض” كلمة بسيطة، لكن وراءها عالَم من المعاني.
وفي الوقت الذي ندعو فيه الله أن يشفي كل جسدٍ موجوع، علينا أيضًا أن ندعوه أن يشفي النفوس المرهقة، ويطهّر القلوب من الحقد والظلم.
وفي النهاية، المريض الحقيقي ليس دائمًا من يرقد على سريرٍ في المستشفى،
فقد يكون المريض هو من يَظلِم، أو يُؤذي، أو يَكذب، وهو يظنّ أنه سليم.
