أحمد والي – شاعر مصري معاصر
مَلاكٌ فِي الرُّؤَى بَاتَتْ سَلَامًا
وَطَبْطَبَةُ الْقُلُوبِ لَدَى الْيَتَامَى
قَرَأْتُ الْحَرْفَ فِي عَيْنَيْكِ نُورًا
يُضَوِّءُ فِي مُخَيِّلَتِي الظَّلَامَا
تَرَانِيمِي تُنَادِيكِ افْتِقَادًا
فَهَلْ لِلشَّوْقِ أَنْ يَبْكِي كَلَامَا؟
فَفَرَّتْ دَمْعَةٌ حَرَّى بِرُوحِي
وَبَلَّلَ فَجْرُكِ الأَنْدَى رِهَامَا
رَسَمْتُكِ فِي خَيَالِي نَبْضَ شِعْرٍ
وَأَسْكَنْتُ الْهَوَى فِيكِ الْخِيَامَا
تَنَاهِيدِي تُرَتِّلُنِي اشْتِعَالًا
وَبَيْنَ يَدَيْكِ أَدْرَكْتُ الْمَقَامَا
حَنِينِي قَدْ تَجَاوَزَ كُلَّ حَدٍّ
فَصِرْتِ لِكُلِّ أَيَّامِي خِتَامَا
أَنَا الْمَشْهُودُ فِي عَيْنَيْكِ صَبًّا
يُقَبِّلُ فِي الْمَدَى وَجْهًا سِهَامَا
أُقَوِّمُ فِيكِ حِرْمَانَ انْكِسَارِي
وَحُبُّكِ فِي دِمَائِي قَدْ أَقَامَا
أَنَا مَنْ ذَابَ فِي لَوْعِ التَّمَنِّي
وَخَافَ يُمَزِّقُ الْوَجْدَ انْفِصَامَا
أُحَاوِلُ أَنْ أُهَذِّبَ شَوْقَ صَدْرِي
لَعَلِّي أَسْتَطِيبُ بِكِ الْمَرَامَا
أُرَاجِعُ فِي عُيُونِكِ لَحْظَ عُمْرِي
فَتُرْسِلُ فَوْقَ أَضْلُعِنَا السَّلَامَا
سَأَبْنِي مِنْ هَوَاكِ قُصُورَ وَصْلٍ
يُدَارِي تَحْتَهُ الْوَجَعُ انْهِزَامَا
تَنَاثَرَ فَوْقَ خَدَّيْكِ اشْتِيَاقِي
وَحُبُّكِ فِي وَرِيدِي قَدْ تَسَامَى
سَقَاكِ اللهُ مِنْ كَأْسِي غَرَامًا
لِتَسْقِينِي الْمَحَبَّةَ وَالْغَرَامَا
فَأَنْتِ الْآنَ فِي صَحْوِي وَنَوْمِي
صَدًى فِي الرُّوحِ عَلَّمَنِي عَلَامَا
تُقِيمِينَ الْجَمَالَ بِكُلِّ وَجْهٍ
كَأَنَّكِ فِي الْوَرَى بَدْرًا تَمَامَا
فَأَنتِ الْعُمْرُ يَا كُلَّ التَّمَنِّي
وَفِيكِ أَصِيرُ صَبًّا مُسْتَهَامَا
أُقَبِّلُ طَيْفَكِ الْمَسْكُوبَ نَحْوِي
وَأَغْرقُ فِيكِ طَوْعًا وَابْتِسَامَا
فَأَنْتِ الْبَدْرُ إِنْ فَرِحَتْ سَمَائِي
وَصِرْتِ مَنَابِتَ الأَشْوَاقِ شَامَا
دَعِي الآهَاتِ تَسْكُبُهَا ضُلُوعِي
وَدَاوِي الْقَلْبَ يَا عُمْرِي سَلَامَا
سَأُطْعِمُ لَهْفَتِي إِنْ رُمْتِ حُبًّا
وَلَوْ بَلَغَ الرَّضِيعُ لَنَا فِطَامَا
رَأَيْتُ الْحُبَّ فِي عَيْنَيْكِ يَحْلُو
بِأَهْدَابٍ تُعَتِّقُنِي مُدَامَا
وَدُخْتُ بِخَمْرَةٍ سَكَبَتْ عَلَيَّا
وَفِي دِينِي الْهَوَى صَلَّى إِمَامَا
يَقِينًا مَلَّتِ الرُّوحُ ابْتِعَادًا
عَلَامَ الْهَجْرِ يَا عُمْرِي عَلَامَا؟
دَعِينِي تَبْرَأِ اللَّوْعَاتُ فِيَّا
فَإِنَّ الْحُبَّ يَبْرَؤُ بِي سَقَامَا
دَعِينِي قَبْلَ أَنْ نَفْنَى عِنَاقًا
وَأَرْتَجِفَ اشْتِيَاقًا وَاحْتِدَامَا
أَرَى عَيْنَيْكِ تَشْتَعِلَانِ صَبًّا
فَيَرْتَفِعَ الْغَرَامُ بِهَا تَنَامَى
وَسَاقَ الشَّوْقُ أَضْلَاعِي إِلَيْكِ
بِيَ الآهَاتُ لَا تَأْبِي الْمَنَامَا
سَلَلْتِ التِّيهَ مِنْ عَيْنَيْكِ سَيْفًا
لِيَزْهُوَ فِي دَمِي عِطْرَ الْخُزَامَى
فَكُنْتِ لِكُلِّ أَيَّامِي طُهُورًا
وَبَاتَ الشَّيْبُ فِي قَلْبِي غُلَامَا
قصيدة تراتيل الهوى
من ديوان خمر الفردوس في شفتيها نقي
