مقالات

سي السيد وأمينة في رمضان.. وجبر الخواطر

بقلم السيد عيد

في ليلة رمضانية هادئة، كان سي السيد مستلقيًا على أريكته بعد الإفطار، يُقلب في هاتفه بين أخبار المباريات ومجموعات الواتساب، بينما كانت أمينة تجمع أطباق السفرة، وهي تستمع إلى درس ديني من التلفاز عن “جبر الخواطر في شهر الكرم”.

توقفت فجأة عند جملة قالها الشيخ بصوت مفعم بالحكمة:

— “كما تصوم عن الطعام، صُم عن كسر الخواطر، واجبّر بخاطر أهل بيتك، تكن من المقبولين في الشهر الفضيل!”

نظرت أمينة إلى سي السيد الممدد بسلام وكأنه خرج من معركة الإفطار منتصرًا، ثم أخذت نفسًا عميقًا وقالت بصوت هادئ لكنه يحمل نوايا ثورية:
— “سي السيد… رمضان شهر الرحمة، مش كده؟”

أجابها دون أن يرفع عينيه عن الهاتف:
— “طبعًا، شهر البركة والخير… وكل حاجة جميلة.”

— “وأكيد جبر الخواطر فيه أجره كبير، مش كده؟”

— “أكيد طبعًا، أجر عظيم عند ربنا!”

ابتسمت أمينة ابتسامة المنتصر، ثم وضعت الأطباق بقوة على الطاولة وقالت بحزم:
— “يبقى ساعدني في غسيل المواعين، جبرًا لخاطري!”

تجمد سي السيد في مكانه، ونظر إليها كأنها طلبت منه الصعود إلى القمر، ثم بلع ريقه وقال مترددًا:
— “هو… هو جبر الخواطر شرطه يكون بالمجهود البدني؟ ماينفعش بالكلام الطيب؟”

لكن أمينة لم تتراجع، بل أكملت بنبرة ودودة لكنها تهدد بعاصفة:
— “جبر الخواطر مش بس بالكلام يا سي السيد… يعني كلمة حلوة، مساعدة بسيطة، حتى مشاركة ولو بالكلام الطيب بدل ما تنسحب بعد الفطار لمجلس الشيوخ بتاعك في الصالة!”

تنهد سي السيد، وشعر أن رمضان هذا العام قد يتحول إلى اختبار صعب، لكنه قرر أن يجرب، فوقف متثاقلًا، اقترب من الحوض، وأخذ إسفنجة الغسيل كأنها قطعة أثرية لم يرها من قبل، ثم قال:

— “ماشي يا أمينة، جبرًا لخاطرك، هنساعد النهارده… بس اعتبريها صدقة رمضان!”

ضحكت أمينة أخيرًا، وقالت بمكر:
— “وربنا يجبر بخاطرك كمان، وما يحرمنا منك في السحور!”

وهكذا، تعلم سي السيد أن جبر الخواطر في رمضان ليس مجرد سُنّة، بل قد يكون فرضًا عائليًا… لا يمكن الإفلات منه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى