بين حبين

بقلم / د.محمد منصور
نشر أحد الشباب صورة له يوم زفافه وهو جالس في الكوشة ( منصة العرس ليلة الزفاف) وبجواره أمه وهما يضحكان ملء شدقيهما بينما عروسه بثوب الزفاف تقف عابسة في ركن قصي من الصورة، الأم تجلس في مقعد العروس والعريس بجانبها والعجيب أنه نشر الصورة وكتب تحتها إنها الصورة التي كانت دائماً تراوده في أحلامه !! أن تجلس أمه بجانبه في “الكوشة” ، لم يدرك ذلك المغفل أنه بهذا السلوك قد أهدر حقاً من حقوق العروس وأنه قد بذر أول بذرة للعداء بين أمه وعروسه وأنه سيدفع ثمن ذلك نكداً وتعاسة مادام هذا الزواج قائماً.
عريس ثان حين صعدت أمه على المنصة طأطأ رأسه وانحنى يقبل يدها ثم أخذته الجلالة أكثر فجثا على ركبتيه في حركة مسرحية خاطفة يريد أن يقبل قدميها .
عريس ثالث أصر أن تشاركه أمه في قطع كعكة الزفاف مع عروسه أو بدلاً منها.
وعريس رابع كادت ليلة الزفاف تنتهي بالطلاق لأن العروس طلبت التقاط صورة معه منفردين بينما أصر هو أن تظهر أمه في صورة الزفاف .
الغالب في هذه الحالات أن العريس يريد إدخال الكثير من السعادة على قلب أمه وإعلان ولاءه لها في أهم ليلة في حياته وأن زواجه لن ينقص من حبه لها ، ينسى ذلك المغفل أنه لاشئ ولاأحد يمكن أن يزاحم أمه في حبه لها ، وأنه لاوجه للمقارنة أصلاً بين حبه لأمه وحبه لعروسه .
بعض الأمهات يستسلمن في سذاجة لهذه الرغبة المرضية من جانب العريس ولايدركن أن سنة الحياة أن يتزوج الأبن وأن يحب زوجته حباً ذو طبيعة مختلفة عن حبه لها وأنه لامعنى في ليلة كهذه أن يؤكد المؤكد ، وأن هذه الليلة ينبغي أن يكون لها ملكة وحيدة هي العروس صاحبة الليلة ولاينبغي إزاحتها عن عرشها لاستعراض حب الابن لأمه أو حب الأم لابنها لأنه من الفطرة التي فطر الله الناس عليها .
من الجائز أن يكون العريس مصاباً بعقدة أوديب حيث يتعلق الابن بأمه تعلقاً مرضياً يفسد به حياته وحياة من حوله .
لكن ماعذر الإنسان السوي حين يريد تملق أمه وتملق المجتمع الأهبل الذي تعجبه مثل هذه السلوكيات العجيبة.
لاشئ يقارن بحب الأم ، ولايجوز أن يقارن أحد حب الأم بحب الزوجة وأن يكون مضطراً لأن يختار بينهما ..
ومن العار أن يقف المرء في حياته عاجزاً بين حبين .
كل عيد أم
وكل أم بألف خير.