بقلم: السيد عيد
في زاوية غرفة ضيقة، يقف “شباك مغلق” كجفنٍ أثقله النعاس. غطى الغبار زجاجه حتى صار معتمًا، وتخشبت مزاليجه من طول الصمت، كأن الزمن مرّ به وتوقف عنده. من الخارج تمتد سماء واسعة، لكن من الداخل لا يصل سوى عتمة خانقة، وكأن الحياة خلفه حلم مؤجل.
اقتربتُ منه فخيّل إليّ أن الشباك يئنّ:
“كنتُ نافذةً على الضوء، على هواء طريّ يتسلل فينعش الأرواح. خُلقتُ لأفتح الأفق، لا لأصير قيدًا محكمًا. كم حلمًا طرقني وارتدّ خائبًا، وكم نفسًا التصق بزجاجي يتوسل نسمةً واحدة فلم يجد!”
الشباك المغلق ليس خشبًا وزجاجًا، بل استعارة لواقعنا المكمم. هو الطالب الذي يذاكر أعوامًا ولا يجد بابًا لعلمه، هو الموهبة التي تُحبس خلف أسوار العادات، هو وطن يملك شبابيك كثيرة لكنها كلها مغلقة في وجه الريح الجديدة.
يا حضرات القراء: الأحلام تشبه الهواء، لا تُرى لكن لا غنى عنها. إن لم تجد منفذًا اختنقت، وإن لم نجرؤ على فتح شبابيكنا، صارت حياتنا غرفةً بلا أنفاس. افتحوا النوافذ ولو قليلًا، لعل نسمة تطيب النفس تدخل… فتُحيي قلبًا كاد يموت من ضيق المكان.
