الفن

محمد الشربيني.. موهبة تسير على مهل ولكن بثقة

بقلم السيد عيد 

في زمن تتسارع فيه الأضواء وتتنافس فيه المواهب على مساحات الظهور، يخرج لنا الفنان محمد الشربيني كاستثناء جميل؛ نجم لا يبحث عن الوميض، بل يصنعه بهدوء.

هو واحد من الوجوه التي ربما مرّت أمامك كثيرًا على الشاشة، لكنك لا تملك إلا أن تتوقف عندها… تلك العينان اللتان تحملان ألف حكاية، والصوت الواثق الذي يعرف تمامًا متى يعلو ومتى ينكسر. إنه ذلك الفنان الذي لا “يؤدي” الدور، بل يسكنه.

البدايات.. مسرح القلب والعقل

ولد محمد الشربيني في بيئة تحب الفن، فكان المسرح أول العشاق. صعد خشبته شابًا يافعًا، لا يحمل سوى شغفه وموهبة فطرية، وسرعان ما أثبت أنه ليس عابرًا في التجربة. على المسرح، تعلم الانضباط، واحتراف التفاصيل، وأدرك أن التمثيل ليس مجرد تقمص، بل مسؤولية.

من الهامش إلى الصدارة

بدأ الشربيني مشواره في التلفزيون والسينما بأدوار صغيرة، لكنها مليئة بالأثر. حتى في المشاهد القصيرة، كان يحفر لنفسه مكانًا في ذاكرة المشاهد. لم يكن صوته عاليًا، لكنه كان حاضرًا بقوة، يعرف كيف يترك “بصمة” دون أن يصرخ.

ومع مرور الوقت، نضج حضوره، وتحولت الأدوار الصغيرة إلى شخصيات محورية، يقدمها بخليط نادر من التواضع والاحتراف. لا يطارد البطولة المطلقة، لكنه حين تأتي إليه، يحتضنها كمن كان يتهيأ لها عمرًا.

بين التلفزيون والسينما.. حكاية رجل يعرف اختياراته

ما يميز محمد الشربيني أنه لا يلهث خلف الأعمال، بل ينتقيها بعناية من يختار خطواته على طريق وعر. سواء في المسلسلات أو الأفلام، يحاول أن يقدم المختلف، والمتماسك فنيًا. له قدرة نادرة على تحويل الشخصية الورقية إلى إنسان حقيقي، فيه نبض وهمّ، وليس فقط حوار مكتوب.

شهادة زملائه.. فنان بلا ضجيج

من يتعامل مع الشربيني عن قرب، يعرف أنه من أولئك الفنانين الذين “يحترفون الصمت” خارج الكاميرا. لا يفتعل مواقف، ولا يسعى لبروباجندا، لكنه في الكواليس مثلما هو على الشاشة: هادئ، حقيقي، ومخلص لفنه.

كثير من زملائه يشهدون له بالانضباط، والحرص على العمل الجماعي، وروح التعاون التي قلما نجدها في زمن النرجسيات الفنية.

المستقبل.. خطوات راسخة

لا يملك محمد الشربيني مشروعًا للنجم الأوحد، لكنه يمتلك مشروعًا لفنان صادق. ومع كل عمل جديد، تتأكد تلك الفكرة: نحن أمام ممثل من طينة خاصة، يراكم خبرته، ويصنع لنفسه مكانة بين الكبار، دون أن يحتاج إلى صخب أو تصنّع.

في الختام، فإن محمد الشربيني ليس مجرد ممثل يؤدي أدوارًا على الشاشة، بل هو فنان يحترف الإنصات لما تقدمه الحياة من مشاعر وصراعات، ليعبر عنها بمنتهى الإتقان. ربما لا تراه كل يوم على أغلفة المجلات، لكنه موجود في قلب كل مشهد جيد، وفي وجدان كل من يقدّر التمثيل كفن لا كزينة.

هو ببساطة… وجه لا يُنسى، وأداء لا يُقلَّد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى