19 مارس.. يوم عودة طابا وانتصار الإرادة المصرية
د/حمدان محمد
يحتفل المصريون في التاسع عشر من مارس من كل عام بذكرى استعادة مدينة طابا، آخر شبر من أرض سيناء، بعد معركة قانونية وسياسية امتدت لسنوات، لتسجل مصر انتصارًا جديدًا في استرداد حقوقها، مؤكدة أن الأرض لا تُسترد إلا بالإرادة والعزيمة.
قد بدأت قضية طابا عقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979، والتي نصّت على انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من كامل شبه جزيرة سيناء بحلول 25 أبريل 1982. ولكن إسرائيل حاولت الالتفاف على الاتفاقية عبر التلاعب في موقع العلامة الحدودية رقم 91، زاعمة أن طابا تقع ضمن حدودها، وهو ما رفضته مصر بشدة.
وبعد مفاوضات لم تسفر عن حل، لجأت مصر إلى التحكيم الدولي وفقًا للمادة السابعة من معاهدة السلام، وفي 11 سبتمبر 1986 تم التوقيع على مشارطة التحكيم بين مصر وإسرائيل، ليبدأ النزاع رسميًا أمام هيئة دولية تتكون من خمسة محكمين. استمرت الجلسات لسنوات، قدمت خلالها مصر أدلة ووثائق تاريخية تثبت حقها في طابا.
وفي يوم 29 سبتمبر 1988، أصدرت هيئة التحكيم حكمها لصالح مصر، مؤكدة أن طابا أرض مصرية خالصة، ووجب على إسرائيل الانسحاب منها. وبالفعل، تم تنفيذ الحكم في 19 مارس 1989، حيث رُفع العلم المصري على أرض طابا، معلنًا اكتمال استعادة سيناء.
ويعتبر يوم 19 مارس رمزًا للانتصار القانوني والدبلوماسي المصري، حيث أثبتت مصر أن الحقوق لا تضيع مادام وراءها مطالب قوي. كما أن هذه الذكرى تُذكر الأجيال القادمة بأهمية الحفاظ على السيادة الوطنية والدفاع عن الأرض بكل الوسائل المشروعة.
وبعد عودتها إلى أحضان الوطن، أصبحت طابا واحدة من أجمل الوجهات السياحية في مصر، حيث تتميز بشواطئها الخلابة ومياهها الفيروزية، فضلًا عن موقعها الاستراتيجي على خليج العقبة. واليوم، تظل طابا شاهدًا على صمود المصريين وقدرتهم على استعادة حقوقهم مهما طال الزمن.