الحد من المخاطر الصحية في حالة حدوث الحرب النووية

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
تعتبر فكرة الحرب النووية كابوساً يطارد البشرية، فآثارها المدمرة تتجاوز التصور، وتمتد لتشمل ليس فقط الدمار المباشر، بل أيضاً تداعيات صحية وبيئية طويلة الأمد. وبينما يبقى الهدف الأسمى هو منع نشوب مثل هذه الكارثة، فإنه من الأهمية بمكان التفكير في سبل الحد من المخاطر الصحية في حال وقوعها، لضمان أقصى قدر ممكن من البقاء والمساعدة.
التحديات الصحية الرئيسية بعد الحرب النووية
قبل الخوض في سبل التخفيف، يجب فهم التحديات الصحية الهائلة التي ستواجه الناجين
الإصابات المباشرة: حروق شديدة، إصابات رضية من الانفجارات، وجروح من الشظايا والأنقاض.
التسمم الإشعاعي الحاد: التعرض لجرعات عالية من الإشعاع سيؤدي إلى تلف الخلايا بسرعة، مما يسبب الغثيان، القيء، الإسهال، الحمى، تساقط الشعر، ونزيف داخلي. الجرعات العالية مميتة حتماً.
السرطانات المتأخرة: زيادة هائلة في معدلات الإصابة بالسرطان على المدى الطويل، خاصة سرطان الدم والغدة الدرقية.
انهيار البنية التحتية الصحية: تدمير المستشفيات، نقص الأدوية والمعدات الطبية، ووفاة الكوادر الطبية.
نقص الغذاء والماء النظيف: تلوث مصادر المياه، تدمير المحاصيل الزراعية، وانهيار سلاسل الإمداد سيؤدي إلى مجاعة وسوء تغذية.
انتشار الأمراض المعدية: انهيار الصرف الصحي، تكدس الجثث، ونقص النظافة سيؤدي إلى تفشي الأوبئة مثل الكوليرا والتيفوئيد.
الآثار النفسية: صدمة نفسية حادة، اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق والاكتئاب على المدى الطويل.
“الشتاء النووي”: قد يؤدي الغبار والسخام في الغلاف الجوي إلى انخفاض حاد في درجات الحرارة العالمية، مما يؤثر على الزراعة ويزيد من تحديات البقاء.
إجراءات الحد من المخاطر الصحية
في ظل سيناريو كهذا، فإن الاستعداد والوعي المسبق يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً:
الملاجئ المحصنة
الاحتماء الفوري: أهم خطوة هي الاحتماء في ملاجئ تحت الأرض أو في مبانٍ ذات جدران سميكة ومواد كثيفة (مثل الخرسانة والطوب).
ملاجئ ضد السقوط الإشعاعي: يجب أن تكون مجهزة بتهوية جيدة، ومخزون كافٍ من المياه النظيفة، والأغذية غير القابلة للتلف، ومعدات الإسعافات الأولية.
الاحتياطات الصحية الأولية
اليوديد البوتاسيوم: يساعد على حماية الغدة الدرقية من امتصاص اليود المشع. يجب توفره وتوزيعه بشكل استباقي في المناطق المعرضة للخطر.
مجموعات الإسعافات الأولية: يجب أن تحتوي على الضمادات، المطهرات، مسكنات الألم، والمضادات الحيوية الأساسية.
النظافة الشخصية: غسل الجسم والملابس فوراً عند التعرض المحتمل للإشعاع، لتجنب امتصاص الجسيمات المشعة.
تخزين الموارد الأساسية
الماء والغذاء: تخزين كميات كافية من المياه المعبأة والأغذية المعلبة أو المجففة التي تدوم طويلاً.
الطاقة البديلة: مولدات يدوية، ألواح شمسية صغيرة، وبطاريات لتوفير الطاقة للإضاءة والراديو.
التخطيط المجتمعي والمرونة
فرق الاستجابة للطوارئ: تدريب المجتمعات على الإسعافات الأولية، والبحث والإنقاذ، وإزالة التلوث.
تحديد نقاط تجميع آمنة: تجهيز أماكن محددة يمكن للناجين التجمع فيها لتلقي المساعدة.
الاعتماد على الذات: تشجيع الأفراد والمجتمعات على تطوير مهارات البقاء الأساسية، مثل تنقية المياه وتخزين الغذاء.
المعلومات والتوعية
خطط الطوارئ الحكومية: يجب أن توفر الحكومات خططاً واضحة للتعامل مع الحرب النووية، وتوعية الجمهور بها.
التوعية العامة: تثقيف السكان حول الإجراءات الوقائية، وأعراض التسمم الإشعاعي، وكيفية التصرف.
راديو يعمل بالبطارية: للبقاء على اطلاع على التعليمات الرسمية والمعلومات الهامة.
الدعم النفسي
توفير الدعم النفسي والاجتماعي للناجين لمساعدتهم على التعامل مع الصدمة والألم.