مقالات

الذكاء النفسي

د. ياسمين عبدالله

في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتراكم الضغوط النفسية بشكل غير مسبوق، لم يعد الذكاء العقلي وحده كافيًا لإدارة الحياة اليومية.
لقد بات الإنسان في حاجة إلى نوع آخر من الذكاء، لا يظهر في الإجابات السريعة، ولا في سرعة البديهة، بل في فهمه لما يحدث داخله، وفي وعيه بكيفية التعامل مع نفسه والآخرين على السواء.
هذا هو الذكاء النفسي.

الذكاء النفسي لا يُقاس باختبارات، ولا يُكتسب بالشهادات، بل يُبنى بهدوء في الداخل، من خلال مراقبة الذات، والتعامل الواعي مع المشاعر، وتفسير المواقف بعمق دون اندفاع أو إسقاط.

وهو قدرة الإنسان على إدراك مشاعره والتعامل معها بوعي، وعلى تفهّم مشاعر الآخرين دون أن يتورط في ردود أفعال عشوائية.
وهو أيضا مهارة في التكيف، وفي تهدئة الداخل حين يضطرب الخارج، وفي اختيار ما يُقال ومتى يُقال وكيف يُقال.

-طرق تنمية الذكاء النفسي:

1. الوعي بالمشاعر:
ابدأ بالتعرف على مشاعرك الحقيقية، لا تنكرها ولا تندمج فيها.
الذكاء النفسي يبدأ من فهم ما تشعر به ولماذا.

2. إدارة الانفعالات لا كبتها:
بدلًا من الانفجار أو الكتمان، تعلّم تهدئة نفسك، وفهم ما وراء انفعالك قبل أن تتصرف.

3. التحكم في ردود الأفعال:
توقف لحظة قبل أن ترد، وامنح نفسك فرصة للتفكير.
الذكاء لا يكون في السرعة، بل في الحكمة.

4. تحليل المواقف بنظرة شاملة:
لا تنظر للموقف من زاويتك فقط، بل حاول فهم وجهات نظر الآخرين قبل إصدار حكم.

5. التصالح مع الذات:
اقبل أخطائك وتعلّم منها دون جلد أو قسوة، فالنضج النفسي لا يعني الكمال، بل الوعي بالنقص.

6. تنمية الحوار الداخلي الإيجابي:
راقب كيف تتحدث مع نفسك.
الذكاء النفسي يعني أن تكون داعمًا لذاتك لا قاسيًا عليها.

7. طلب الدعم عند الحاجة:
لا تحمّل نفسك فوق طاقتها.
الرجوع لمتخصص نفسي وقت الحاجة لا يُنقص من وعيك، بل يعززه.

وأخيراً….

فالذكاء النفسي ليس رفاهية فكرية، ولا ترفًا شعوريًا.
إنه مهارة تُمارس كل يوم، بصمت، داخل تفاصيل صغيرة لا يراها أحد.
ووسط ضجيج العالم، يظل الذكاء النفسي أحد أنقى طرق النجاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى