النداء الأخير من قلب الليل

بقلم-ياسمين إبراهيم
حين يسكن الليلُ وتختفي الأصوات، وتصبح أنفاسك هي الصوت الوحيد في الظلام… هناك، في عمق السكون، قد تسمع من يناديك. ليس هاتفاً عادياً، ولا صوتاً مألوفاً… بل همسٌ أنثويٌ، ناعمٌ حد الرعب، ينطق اسمك وكأنّه يعرفك منذ ولادتك.
تظنّه وهماً، تخبر نفسك أنها خيالات الليل… لكن قدماك تتحركان نحوه، دون إرادتك. شيءٌ داخلك يُجبرك على الرد… على الاقتراب.
ومن هنا… يبدأ كل شيء.
يقولون إنها كائن لا يُرى… امرأة ليست كباقي النساء. تظهر في الحقول، تُغريك بصوتها، تسحبك نحو الظلمة، فلا تعود أبداً كما كنت…إن عدت أصلاً.
إنها ليست خرافة… إنها “النداهة”.
أنت في قلب الليل، والهدوء يسكن كل شيء. لكن هناك، في العتمة، يخرج صوت خافت، لكنه لا يشبه أي صوت سمعت من قبل.اسمك، يُنادى به وكأنه أحدٌ يعرفك جيدًا.
في الريف، تتناقل الألسنة حكاياتٍ قديمة عن النداهة، تلك الكائنات التي تترصد الأرواح الضعيفة وتستدرجها إلى المجهول. “النداهة” ليست مجرد أسطورة أو خرافة، بل هي عقابٌ ينتظرك في الظلام، فلا تظن أبدًا أن ما يلاحقك هو مجرد خيال. لا تستهين بتلك الأصوات التي ستجدها تملأ فراغات عقلك، وتغذي خوفك الذي ما إن يراودك حتى يقودك إلى مصير لا مفر منه.
قيل إنها جنية، قد تكون سيدة فاتنة الجمال، تنبض بالكلمات التي تقودك إلى الهاوية. أو ربما شيطانة تتخفى في جسد امرأة، تظهر أمامك لتغويك بحسنها، ولكنك ستكتشف في النهاية أن هذا الجمال ليس إلا قناعًا يخفي وراءه الموت. هي لا تأتي إلا لتأخذ
لكن، هل هي مجرد أسطورة؟ أم أن هناك شيئًا في الظلام لا يُرى، ويظل يراقبك في صمت؟
الجواب هو: إن اقتربت منها، لن تعود أبدًا كما كنت.
يقول العلماء إن ما يسمعه الناس من “نداء” قد يكون مجرد هلوسة سمعية ناتجة عن الإرهاق النفسي أو اضطرابات النوم. لكن الحقيقة التي لا يستطيع العلم تفسيرها هي: كيف يمكن لتلك التجربة أن تحدث لنفس الشخص أكثر من مرة، وفي أماكن متفرقة، مع أشخاص من ثقافات وأزمنة مختلفة؟
هل يمكن أن يكون هناك “شيء” في الظلام، موجود في أماكن معينة فقط، يستدعي البشر ليقتربوا منه؟
هل هذا الصوت الذي يسمعه الجميع مجرد دعوة إلى الهاوية؟
إن سمعت النداء… فاعلم أن هناك فخًا ينتظرك.
لا تلتفت. لا ترد.
كل خطوة تخطوها نحو الصوت هي خطوة نحو المجهول. حتى وإن كنت تعتقد أنه مجرد حلم، مجرد خيال، ستجد نفسك في مكان لا يعود منه أحد. إذا أجبت النداء، فإنك لن تخرج كما دخلت.
النداهة تقترب منك الآن، وكلما قرأت كلماتي، أصبحت أكثر قربًا منك. لا تظن أن ما تراه حولك هو مجرد رياح أو أصوات بعيدة… قد يكون صوتها، يقترب خطوة بخطوة.
هل تسمعها؟.. نعم انت تسمعها لكن…
هل تجرؤ على الرد؟