مريم أحمد
في مثل هذا اليوم، 1 يوليو 1872، وُلد الشاعر الكبير خليل مطران في مدينة بعلبك بلبنان، لأسرة ذات أصول لبنانية وفلسطينية. منذ صغره، تميز بذكائه وموهبته الأدبية، فتلقى تعليمه في المدرسة الشرقية بزحلة، ثم انتقل إلى بيروت حيث درس الأدب العربي والفرنسي في مدرسة البطريركية للروم الكاثوليك.
سافر مطران إلى باريس ليطّلع على الأدب الفرنسي عن قرب، فتأثر بكبار الأدباء هناك. ثم عاد إلى مصر ليستقر بها، ويبدأ مسيرته الأدبية والثقافية، التي وضعته في مصاف كبار شعراء العصر الحديث.
أنشأ خليل مطران المجلة المصرية وصحيفة الجوائب المصرية، كما جمع قصائده في ديوان ضخم من أربعة أجزاء حمل عنوان ديوان الخليل، ويضم 583 قصيدة. ولم يكتفِ بالإبداع الشعري، بل ترجم 13 عملًا أدبيًا لعدد من كبار الأدباء العالميين، من بينهم شكسبير، وكورني، ونوبلوك.
انتمى مطران في بداياته إلى مدرسة الإحياء والبعث، لكنه سرعان ما انصرف عنها، منتقدًا بعض عيوبها، مثل تقليد الشعراء القدامى، وغياب التجربة الشعرية الصادقة، وتكرار الصور التقليدية. على النقيض، كان شعره يعكس تجربة شعورية حقيقية، تنبع من وجدانه، وتعبر عن مشاعره الخاصة. كما تميز بوصف الطبيعة من خلال أحاسيسه، لا من خلال المظاهر السطحية فقط.
ويُعد من أبرز قصائده: قصيدة “المساء”، التي كتبها خلال إقامته بالإسكندرية بعد أن جُرح قلبه بفراق حبيبته الأولى، الفتاة المصرية “ماريا”، التي أحبها من أول نظرة حين رآها في حديقة الحيوان. كتب لها 25 قصيدة تحت عنوان حكاية العاشقين. كانت تعيش في حلوان مع والدتها، لكن بعد وفاة الأم، سافرت ماريا إلى النمسا، بناءً على نصيحة أقربائها.
مرض مطران وقتها، فنصحه الأطباء بالسفر إلى الإسكندرية للاستشفاء. وهناك، كتب واحدة من أعظم قصائده، المساء. وعندما عاد إلى القاهرة، علم بوفاة ماريا، فظل مخلصًا لحبها طوال حياته، دون أن يتزوج، ولم ينسَها حتى وفاته بعد 46 عامًا.
توفي خليل مطران في 1 يونيو عام 1949، لكن رحيله لم يطفئ نور شعره، إذ ترك لنا تراثًا أدبيًا خالدًا نحيا به، ونستشف من خلاله عمق التجربة الإنسانية وجمال الإبداع العربي.
