العمل لساعات طويلة: هكذا يمكن أن يؤثر على دماغك

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
العمل لساعات طويلة ليس مجرد إرهاق جسدي، بل له تأثيرات عميقة وسلبية على دماغك وصحتك العقلية على المدى الطويل. أظهرت الدراسات الحديثة أن الإفراط في العمل يمكن أن يغير حتى بنية الدماغ.
كيف يؤثر العمل لساعات طويلة على دماغك؟
تغيرات في بنية الدماغ: تشير الأبحاث إلى أن العمل 52 ساعة أو أكثر في الأسبوع يمكن أن يؤدي إلى تغيرات هيكلية في الدماغ. على سبيل المثال، وُجد أن هناك زيادة بنسبة 19% في حجم “التلفيف الجبهي الأوسط الخلفي الأيسر” لدى الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة، وهي منطقة تلعب دوراً مهماً في الوظائف المعرفية والانتباه والذاكرة. كما سُجلت زيادات في الحجم في 17 منطقة دماغية أخرى، بما في ذلك المناطق المسؤولة عن الانتباه والتخطيط واتخاذ القرار (التلفيف الجبهي العلوي) والعاطفة والوعي الذاتي (الجزيرة الدماغية). هذه التغيرات قد تكون استجابة تكيفية للإجهاد المهني المزمن.
تدهور الوظائف المعرفية: العمل المفرط يمكن أن يضر بالوظائف المعرفية والإدراكية. قد تشمل هذه المشاكل:
ضعف التركيز والانتباه: يصبح من الصعب الحفاظ على التركيز وإنجاز المهام بفعالية.
النسيان المتكرر: قد تلاحظ تدهوراً في الذاكرة قصيرة المدى.
صعوبة اتخاذ القرار: تتأثر قدرتك على اتخاذ القرارات السليمة.
انخفاض القدرة على حل المشكلات: تصبح معالجة المشكلات المعقدة أكثر صعوبة.
تأثيرات على الصحة العقلية: الإجهاد المزمن الناتج عن العمل لساعات طويلة له تأثير كبير على الصحة النفسية، مما يزيد من خطر الإصابة بـ:
التوتر والقلق: مستويات التوتر تكون مرتفعة بشكل دائم.
الاكتئاب: تزداد احتمالية الإصابة بالاكتئاب والتفكير فيه في بعض الحالات.
الإرهاق الوظيفي: الشعور بالإرهاق الجسدي والعقلي والعاطفي نتيجة ضغوط العمل المستمرة.
تقلبات المزاج: قد تصبح أكثر عرضة لتغيرات المزاج الحادة.
قلة النوم وتأثيرها: غالباً ما تؤدي ساعات العمل الطويلة إلى قلة النوم أو اضطرابه. يؤثر الحرمان من النوم بشكل مباشر على وظائف الدماغ، بما في ذلك الذاكرة والتركيز والقدرة على تنظيم العواطف.
المخاطر الصحية الأخرى المرتبطة بالعمل لساعات طويلة
بالإضافة إلى تأثيره على الدماغ، يرتبط العمل لساعات طويلة بمجموعة من المشاكل الصحية الجسدية الخطيرة:
أمراض القلب والأوعية الدموية: يزيد خطر الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية بشكل كبير.
اضطرابات التمثيل الغذائي: قد يساهم في زيادة خطر الإصابة بالسكري.
زيادة خطر الإصابات: التعب وقلة التركيز يمكن أن تجعلك أكثر عرضة للحوادث والإصابات في مكان العمل.
مشاكل في العضلات والعظام: يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في العضلات والمفاصل.
كيف تقلل من التأثيرات السلبية؟
من المهم جداً إيجاد توازن صحي بين العمل والحياة للحفاظ على صحة دماغك وعافيتك العامة. إليك بعض النصائح:
تحديد ساعات عمل معقولة: حاول الالتزام بساعات عمل محددة وتجنب الإفراط.
الحصول على قسط كافٍ من النوم: النوم الجيد ضروري لصحة الدماغ والقدرة المعرفية.
أخذ فترات راحة منتظمة: قم بأخذ فترات استراحة قصيرة خلال اليوم لتجديد نشاطك.
ممارسة الرياضة بانتظام: النشاط البدني يساعد على تقليل التوتر وتحسين المزاج ووظائف الدماغ.
الحفاظ على حياة اجتماعية: التفاعل مع الأصدقاء والعائلة يقلل من الشعور بالوحدة ويحسن الصحة العقلية.
تطبيق تقنيات إدارة التوتر: مثل التأمل أو اليوجا أو تمارين التنفس.
تناول طعام صحي ومتوازن: التغذية السليمة تدعم صحة الدماغ والجسم.
لا تستحق أي وظيفة المخاطرة بصحتك العقلية والجسدية. إذا كنت تعاني من آثار سلبية بسبب ساعات العمل الطويلة، فمن المهم طلب المساعدة والدعم من المختصين أو مراجعة سياسات العمل في مؤسستك.