د/حمدان محمد
تشتد الأزمات وتتفاقم الصراعات في المنطقة ومع كل جولة عنف أو تصعيد ترتفع أصوات تطالب مصر بالانخراط المباشر في الحرب هذه الدعوات التي تتخذ أحيانًا طابع اللوم أو العتاب القاسي تدفعنا للتساؤل لماذا هذا الإصرار على جر مصر إلى أتون حرب لا تخدم سوى أجندات الفوضى والدمار هل أصبح أمن مصر واستقرارها موضع استياء خاصة وأنها لا تزال تُعد الملاذ الآمن والأخير في محيط إقليمي مضطرب فإن القيادة المصرية والرئيس الذي اختاره الشعب وهو
فخامة الرئيس /عبدالفتاح السيسي
مسؤولون أولًا وأخيرًا عن حماية الشعب المصري وحدوده وأمنه القومي إن الجيش المصري وهو جيش وطني حافظ على كيان الدولة لأجيال يدرك جيدًا أن دوره الأساسي هو الحفاظ على السيادة الوطنية وتأمين الحدود وليس الزج بالبلاد في مغامرات غير محسوبة قد تؤدي إلى دمار لا تُحمد عقباه وهو ما شهدته دول محيطة فقدت استقرارها وأمنها وإن الحفاظ على مصر كـقلعة آمنة ليس أنانية بل هو ضرورة إقليمية وإنسانية مصر المستقرة هي الدولة الوحيدة القادرة على لعب دور الوسيط وتقديم الإغاثة واستقبال الفارين من ويلات الحروب كـحضن يجمع اللاجئين وقت الحاجة فهل المطلوب أن تصبح مصر دُمارًا في دمار لتكون مثل الآخرين إن هذا المنطق يتعارض مع أبسط قواعد الحكمة وإدارة الدول ولا يوجد مصري واحد ينكر أن قضية القدس وفلسطين هي قضية المسلمين والعرب أجمعين فمصر كانت وستظل دائمًا في المقدمة في دعم هذه القضية ليس بالخطابات الحماسية الجوفاء بل بـالدور المحوري في الوساطة وإدخال المساعدات وفتح المعابر وحماية حق الفلسطينيين في أرضهم ووجودهم ولكن يجب التفريق بين دعم القضية النبيل والاندفاع الأعمى نحو المجهول إن أي دعوة مصرية للحرب المباشرة تحمل في طياتها هدفًا خفيًا هو تصفية القضية الفلسطينية ذاتها عبر تحويل غزة إلى عبء مصري دائم أو دفع سكانها إلى التهجير القسري فإن حماية الحدود المصرية الجنوبية الشرقية بقوة وثبات هي في الواقع حماية للوجود الفلسطيني ورفض قاطع لمخططات التهجير
أين العقل وأين الفهم؟
إن من يتكالبون على مصر بالحجج واللوم؟ عليهم أن يسألوا أنفسهم ماذا فعلتم أنتم لنصرة أنفسكم وبلادكم ؟
أين كانت دفاعاتكم عن حدودكم وشعوبكم عندما اجتاحتكم الفتن والحروب؟
إن الحكمة تقتضي أن تكون مصر قوية ومستقرة اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا لأن قوتها هي في نهاية المطاف قوة لكل من يلوذ بها وقت الشدة على أولئك الغاضبين أن يوجهوا طاقاتهم نحو إصلاح بلادهم ودعم جيوشهم والدفاع عن أراضيهم بدلًا من محاولة جر آخر قلاع الاستقرار في المنطقة إلى الفوضى
فمصر لديها رئيس وجيش يدركان حجم المسؤولية والتحديات مصر لن تنجر إلى فخاخ الحرب ولكنها في الوقت ذاته لن تتوانى لحظة عن الدفاع عن كل شبر من أرضها وسيادتها ولن تتخلى عن دورها التاريخي في دعم أشقائها بالحكمة التي تقتضيها مصلحة الأمة جمعاء وليس بالعاطفة التي تقود إلى الهاوية
