بقلم…أحمد رشدي
الابتلاء ليس نقمة كما يظن البعض بل هو باب من أبواب الرحمة الإلهية وامتحان من الله لعباده ليختبر صدق إيمانهم وثباتهم على الطريق المستقيم فمن طبيعة الدنيا أن تكون دار اختبار لا دار قرار يتقلب فيها الإنسان بين نعمة تُوجب الشكر ومحنة تستوجب الصبر
قال الله تعالى في كتابه العزيز
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾
(سورة البقرة: 155)
إن الابتلاء لا يأتي عبثًا بل لحكمة يعلمها الله وحده فقد يبتلي الله عبده ليطهّره من الذنوب أو ليرفع درجاته في الجنة أو ليعيده إلى طريق الحق بعد غفلة وربّ محنةٍ في ظاهرها ألم تكون في باطنها منحة ورحمة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
«عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»
(رواه مسلم)
ويؤكد العلماء أن المؤمن الحقيقي هو من يرى يد الله في كل قدر يصيبه فإذا أعطاه الله نعمة شكر وإذا ابتلاه بمحنة صبر في كلا الحالين ينجح في الاختبار الإلهي قال الإمام ابن القيم رحمه الله إن في الابتلاء تربية للنفس وتهذيبًا للروح وإحياءً لمعاني التوكل والرضا بقضاء الله
ويرى بعض المفكرين أن الابتلاء يكشف معادن الناس فمنهم من يزداد إيمانه قوة ومنهم من يضعف وينكسر لكن الله لا يظلم أحدًا بل يقدر لكل نفس ما تطيق وقد قال تعالى
﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾
(سورة البقرة: 286)
وما أجمل أن يتلقى الإنسان البلاء بنفسٍ راضية محتسبة يعلم أن وراء كل ألمٍ حكمة وأن بعد كل ليلٍ فجرًا وبعد كل ضيقٍ فرجًا وأن الله لا يبتلي إلا من أحبّ ليطهّره ويقرّبه منه
ولذلك يجب علينا أن نحمد الله في السراء ونشكره في النعم ونسجد له في الرخاء كما نسجد له في الشدة لأن المؤمن الحق لا يتغير قلبه مع تغير الأحوال بل يزداد يقينًا أن الله يدبر الأمور كلها بحكمة ورحمة
فليكن شعارنا في حياتنا
“الحمد لله على كل حال”
فمن حمد الله في الابتلاء رفعه الله في العطاء ومن شكره في النعمة
…. زاده الله من فضله
المصادر
القرآن الكريم
صحيح مسلم (حديث: عجبًا لأمر المؤمن)
ابن القيم، مدارج السالكين
