أجرت الحوار: د. إيمان بشير ابوكبدة
في ظل التطور السريع الذي يشهده مجال طب الأسنان وتقويم الفكين، أصبح الجمال والوظيفة يسيران جنبًا إلى جنب، مدعومين بالتكنولوجيا الحديثة والوعي الصحي المتزايد لدى الأفراد.
وللحديث عن أحدث ما توصل إليه هذا التخصص، أجرت جريدة حديث وطن هذا اللقاء مع الدكتور أحمد بشير أبـوكبدة – أخصائي تقويم وجراحة الفكين (من الشقيقة ليبيا)، الذي يُعد من الكفاءات الطبية المتميزة في هذا المجال، حيث يجمع بين الدقة العلمية والخبرة الإكلينيكية، ويواكب التطورات العالمية في تقنيات التشخيص والعلاج.
– دكتور أحمد، بدايةً، ما الفرق بين تقويم الأسنان التقليدي والتقويم الشفاف الحديث؟
التقويم التقليدي يعتمد على الأقواس المعدنية والربطات لتعديل وضع الأسنان، بينما التقويم الشفاف يستخدم قوالب شفافة مصممة بتقنية رقمية خصيصًا لكل حالة.
الفرق الجوهري أن التقويم الشفاف أكثر راحة وجمالية، ويمكن إزالته أثناء الأكل أو تنظيف الأسنان، لكنه يحتاج التزامًا أكبر من المريض لتحقيق النتائج المطلوبة.
– كيف أثّرت التقنيات الحديثة على دقة التشخيص في تقويم وجراحة الفكين؟
التحول الرقمي أحدث نقلة كبيرة في التشخيص والعلاج. اليوم نستخدم الأشعة ثلاثية الأبعاد والماسحات الفموية الرقمية لتصميم خطة علاج دقيقة ومحاكاة النتائج قبل البدء. هذا التطور قلّل الأخطاء وسرّع العلاج، كما حسّن رضا المرضى لأنهم يرون النتيجة المتوقعة مسبقًا.
– هل ترتبط صحة الفم والأسنان بصحة الجسم بشكل عام؟
بالتأكيد. الفم هو بوابة الجسم، وأي التهابات أو بكتيريا فيه يمكن أن تؤثر على أجهزة أخرى مثل القلب أو المفاصل. كما أن سوء الإطباق أو مشاكل الفكين قد تسبب صداعًا مزمنًا أو آلامًا في الرقبة والمفصل الفكي، لذا لا يمكن فصل صحة الفم عن الصحة العامة.
– متى تصبح جراحة الفكين ضرورية، ومتى تكون تجميلية فقط؟
الجراحة تكون ضرورية عندما يكون هناك خلل واضح في نمو أحد الفكين يؤثر على النطق أو الأكل أو التنفس، مثل بروز الفك أو صغره المفرط.
أما التجميلية فهي في الحالات التي يكون الهدف فيها تحسين التناسق الخارجي للوجه بعد التأكد من سلامة الوظائف الحيوية.
– ما الفرق بين التقويم العلاجي والتقويم التجميلي؟
التقويم العلاجي يهدف لتصحيح مشاكل الإطباق ووظائف الفم لتحسين المضغ والنطق والصحة الفموية.
أما التقويم التجميلي فيركز على ترتيب الأسنان وشكل الابتسامة فقط. وغالبًا ما يجتمع الهدفان في خطة علاج واحدة.
– ما أبرز التحديات التي تواجه أطباء الفكين والتقويم في العالم العربي؟
من أبرز التحديات نقص الوعي بأهمية الفحص المبكر، حيث يأتي كثير من المرضى بعد تفاقم المشكلة.
كذلك الاعتماد على تقنيات قديمة في بعض المراكز، إضافة إلى ضعف الرقابة على الممارسات غير المتخصصة في بعض الأماكن. نحن بحاجة إلى تعزيز ثقافة الوقاية والتشخيص المبكر بدلًا من انتظار المضاعفات.
– ما أكثر الأخطاء التي يقع فيها المرضى عند التعامل مع مشاكل الأسنان والفكين؟
أكثرها شيوعًا هو اللجوء إلى حلول سريعة أو منزلية مثل تبييض الأسنان بمواد غير طبية أو تركيب تقويم تجميلي عند غير المختصين. أيضًا، إهمال مراجعة الطبيب بعد انتهاء العلاج يؤدي إلى انتكاس الحالة.
المتابعة الدورية جزء أساسي من نجاح أي علاج تقويمي أو جراحي.
– كيف ترون دور التصوير الرقمي والتصميم ثلاثي الأبعاد في تحسين نتائج تجميل الأسنان اليوم؟
أصبح التصوير الرقمي أداة أساسية في التجميل الحديث. نستخدم ما يُعرف بـ”تصميم الابتسامة الرقمي”، حيث نحلل ملامح الوجه، ونصمم شكل الابتسامة المثالية على الشاشة قبل بدء العلاج.
هذا يمنح المريض رؤية واضحة للنتيجة النهائية، ويجعل العمل أكثر دقة وتوافقًا مع ملامح الوجه الطبيعية، وهو ما لم يكن متاحًا قبل بضع سنوات فقط.
– ما النصيحة التي تقدمونها للأهالي حول العمر الأنسب لبدء تقويم الأسنان؟
أفضل عمر للفحص الأول يكون ما بين 7 إلى 9 سنوات، حيث يمكن اكتشاف أي مشكلة في نمو الفكين مبكرًا. ليس بالضرورة أن يبدأ العلاج في هذا العمر، لكن الفحص المبكر يساعد على التدخل في الوقت المناسب قبل أن تصبح الحالة معقدة.
– ما رسالتكم الأخيرة لقراء “حديث وطن”؟
صحة الفم ليست مسألة جمالية فقط، بل هي أساس جودة الحياة. أنصح الجميع بزيارة طبيب الأسنان بانتظام، والاهتمام بالنظافة اليومية، وعدم إهمال أي تغير في شكل أو وظيفة الفم. الابتسامة الصحية تبدأ بالوعي، وليس فقط بالعلاج.
وفي ختام اللقاء، أكد الدكتور أحمد بشير ابوكبدة أن التطور الكبير في تقويم وجراحة الفكين لم يعد مقتصرًا على تحسين الشكل فحسب،
بل أصبح وسيلة لإعادة الثقة وتحسين نوعية الحياة للمريض. وشدّد على أن الوقاية والتشخيص المبكر هما المفتاح الحقيقي لتفادي معظم مشاكل الفم والفكين، داعيًا إلى نشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع للحفاظ على ابتسامة صحية تدوم مدى الحياة.


1 تعليق
حوار مفيد .. مرسي عليه